من سيشكو أو يتأفّف أو يتضجّر لمجرّد أن يستقطع من راتبه بدل المعيشة الذي لا يساوي -برقمه- شيئاً قياساً على ما تتطلّبه هذه المرحلة الصعبة من الجميع من تفهّم وتعاون وردّ لبعض من جميل الوطن ولو رمزيّاً..
أقول من سيتضجّر من ذلك فإنّه لا يحق له لوم من يشتموننا ليل نهار وخيراتنا تغرقهم منذ سبعين عاماً أو تزيد..
نعم، -ونتّفق على ذلك- أنّ المال عصب الحياة وسبيلٌ لمواجهة متطلّباتها ووسيلةٌ لتحقيق الرخاء والعيش الكريم..
ومع ذلك سعدنا جدّاً ونسعد جميعاً بردود الفعل عبر وسائل التواصل التي تدعو للفخر والاعتزاز ومعظمها يتحدث عن أن رد الجميل للوطن غايةٌ صعبة التحقيق وما الرضا والتفهّم لما فرضته الظروف الحاليّة -المؤقّتة إن شاء الله- ما هو إلا القليل..
بالمناسبة:
سبق قبل أعوام قليلة وعندما تراجعت أسعار النفط عالمياً أن تم إيقاف بدلات كثيرة ومكافآت ومزايا ثم تمّت إعادتها بأثر رجعي بعد فترة قصيرة جدّاً..
فما أجمل التفاؤل وترديد الحمد لله عزّ وجلّ أن جعلها مجرّد أزمة عابرة أصابت العالم بأكمله وستكون لها -بإذنه تعالى- نهاية..
نعم، عانينا ونعاني منها ودفعنا وسندفع الكثير ثمناً لمواجهتها، لكن كل ذلك لا شيء أمام ما أكرمنا الله ومنَّ به علينا من نعم عميمة في مقدمتها عقيدتنا الصافية ووحدتنا العظيمة وأمننا الوارف وتماسكنا كأسرة واحدة يجمعها الحب والود والمصير المشترك في وطن مترامي الأطراف بعد فقر وجوع وخوف وعداء..
فلنكرّر لله عزَّ وجلَّ الشكر والحمد.. ولنعش كما كنّا- وقبلنا الآباء بوقود الإيمان والتفاؤل وروح الأسرة الواحدة التي تتّضح معادن أفرادها في الشدّة قبل الرخاء..
فكل مفقود يتم تعويضه وتحمّل تبعاته إلا الصحّة في الأبدان والأمن في الأوطان فبدونهما لا قيمة لكنوز الكون مجتمعة.. وفقدهما لا تعوّضه أموال الدنيا.. وها هي بلدان كثيرة ليست بعيدةً عنّا، بل عن يميننا وشمالنا تعيش منذ عقود الويلات والمحن والأوضاع المفجعة ما لا تعوّضه المليارات وباتت تتمنّى -فحسب- أن يعود لهما بعض من حياتها الطبيعيّة.. الأمن في الوطن في مقدمتها..
أخيراً لا ننسى أننا نردّد في قنوتنا:
«اللّهم آمِنّا في أوطاننا ومتّعنا بأسماعنا وأبصارنا ولا تجعل الدنيا أكبر همّنا»!
فالحمد لله أوّلاً وآخراً ودائماً الذي أطعمنا من جوع وآماننا من خوف ولم يجعل مصيبتنا في ديننا وأمننا واستقرارنا ووحدتنا..
** **
- الرس