كم هو جميل أن نرى ثراء من الوعي والإحساس بالمسؤولية في المجتمع السعودي، وتفاهمًا وتقاربًا يجمع بين القيادة والشعب بجميع شرائحه في عمل إداري، يعتمد الجماعية «كلنا مسؤول» لإيقاف خطر سرعة قطار انتشار فيروس كورونا (كوفيد19)، الذي فتك بالعالم بشكل سريع.
عندما يكون الحديث عن الوعي أعتقد أن العقل والحكمة هما مَن يتسيد الموقف، ويقابل ذلك تمسك المواطنين بالثوابت الوطنية. فالقيادة السعودية بحكمتها وحنكتها أولت هذه الجائحة كل الاهتمام من أجل الحفاظ على النفس البشرية. والمجتمع السعودي كيان شامخ، يحمل ثقافة عربية عريقة مستمدة من مكارم الأخلاق التي أتى بها ديننا الحنيف من الكرم والشجاعة والمروءة وصلة الأرحام، وكذلك ما يحمله أفراد المجتمع من العلم والثقافة والوعي.
التقت حكمة القيادة بوعي الشعب، وتجسدت صورة المجتمع السعودي الواعي التي تنبئ عن التقدم والرقي؛ فقد تناغم الطرفان، وانسجما مع بعضهما، ورسما لوحة فنية في اللحمة الوطنية، تجعلنا نفتخر أمام المجتمعات الأخرى بتطوُّرنا وموالاتنا لقيادتنا الرشيدة، ولم نتباعد اجتماعيًّا بمعنى «التباعد الاجتماعي»، بل اقتربت الأسرة من بعضها جيدًا، واستشعرت بمسؤوليتها المجتمعية؛ وذلك وقاية للمجتمع، ولم تتهاون في الإرشادات بالابتعاد عن التجمعات والاختلاط إلا في أوقات الضرورة لسلامة الجميع، ووعيًا منها بأنها لبنة من لبنات المجتمع الذي يعتمد على سلامتها وتماسكها.
الدولة -أعزها الله- سخَّرت جميع الإمكانيات للحفاظ على سلامة المواطنين والمقيمين على أرضها من جائحة كورونا العالمية، واتخذت الإجراءات الاستباقية الاحترازية، ووفّرت الإمكانيات الصحية على مستوى عالٍ، وبثت رسالة طمأنة للمواطنين بتوافُر الغذاء والدواء بمخزون استراتيجي كبير، وطلبت منهم الالتزام بالتعليمات الوقائية من أجل سلامتهم.
لقد قابل أفراد المجتمع السعودي هذه المبادرات الكريمة بالانسياق طوعًا لتحقيق غاية السلامة، والحفاظ على الصحة، واعتبروا أن توجيهات القيادة تنظيمات اجتماعية، تعمل على مساعدة أفراد المجتمع لتجنُّب الإصابة بفيروس كورونا، وكذلك أنها جانب من مسؤوليتهم المجتمعية التي تمكِّنهم من المساهمة والمشاركة في تنمية وتطوير المجتمع السعودي.
ولا شك في أن خطوات القيادة السعودية الحكيمة واضحة المعالم؛ إذ قامت منذ اللحظات الأولى لانتشار الجائحة بتوعية المواطن بخطرها، وكيفية الوقاية منها؛ لذا فإن هذه الخطوات الاستباقية تعتبر بعد لطف الله سبحانه وتعالى صمام الأمان للمواطن من الإصابة بهذا المرض؛ وذلك انطلاقًا من استشعار القيادة بالمسؤولية تجاه أبنائها المواطنين وضيوفها المقيمين.
إن هذا الوعي المجتمعي يعدُّ تجسيدًا حيًّا لفكر ومنهجية متكاملة للعمل الجماعي، ويعتبر محصلة لقناعات المجتمع وطموحاته في التجديد والتنمية، ويمثل مرحلة مهمة من مراحل التطور والتوجه التنموي لرؤية 2030، التي تهدف لخلق البناء الاجتماعي الملائم للتطور في جميع مجالات الحياة.
يقول أبو الطيب المتنبي:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائم
إنَّ عزم الشعب السعودي ببقائه في منزله، واتباعه توجيهات قيادته الرشيدة بترك رجال الصحة والأمن للقيام بمهمة الذود عن الصحة في مواجهة جيش كورونا، لهو قمة الصبر والتحلي بالمسؤولية الاجتماعية، وتفعيل نظرية العمل الاجتماعي في تبادل الأدوار وقت الأزمات، وإدراك ما يجب على أفراد المجتمع من مسؤولية تجنبه المخاطر؛ ليبقى المجتمع في سلام.
المجتمع السعودي بهمته وعزمه أثبت للعالم أنه يهوى القمة، ليس بالقول بل بالتطبيق والفعل. وهذا ما شبّه به ولي العهد همة هذا الشعب (لدى السعوديين همة مثل جبل طويق، لن تنكسر إلا إذا انهد هذا الجبل وتساوى بالأرض).