كنَّا في متابعة خلال الأيام الماضية المنح والإسهامات المؤثرة التي أقدم عليها عدد من الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص لصالح برنامج «صندوق الوقف الصحي» الذي أطلقته وزارة الصحة بقرار من مجلس الوزراء؛ بما يدعم استراتيجية الوطن في مواجهة تداعيات وباء «كوفيد - 19».
وحتى قبل تحوّل وظهور هذه الأنواع والأشكال الرسمية لاستقبال المبادرات والمساهمات، لاحظنا تسابق الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص لبذل مختلف أشكال الدعم والمساندة والمشاركة لجهود الدولة في هذا المجال لحماية المجتمع والتخفيف من تداعيات الظروف التي يمر بها الوطن وتأثره كما غيره من دول العالم بعد تفشي وشيوع الوباء بمختلف المناطق في العالم من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، وحيث تختلف مراتب التأثر والتأثير وبحسب الانتشار.
المساهمات والمنح المجتمعية المقدّمة والتي ننتظر مشاركة الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص بشكل أكبر فيها تعد صورة من صور رد بعض من المعروف والدين الكبير الذي يغمر أعناقنا نحو هذا الوطن العظيم الذي نتفيأ تحت ظلاله جميعاً، سعودية العطاء والوفاء، وطن «عبدالعزيز الخير»، وفي ظرف دقيق ومحنة صعبة تتطلب تعاضد جهود الجميع للخروج من هذا التحدي العظيم الذي تواجهه البشرية جمعاء، ويؤثر في كل اتجاهات الحياة على وجه الكرة الأرضية.
المساهمات والمنح المجتمعية فرصة أبرزت المعدن الأصيل لأبناء هذا الوطن الكبير (المملكة العربية السعودية) أصحاب الشركات والمؤسسات، وهم يبذلون ويعطون، كل بحسب إمكانياته وقدراته، الدعم والمساندة لما تقوم به قيادة هذا الوطن - أعزها الله -، وبصورة يبرز معها التكاتف والتآزر الذي يتصف به مجتمع المملكة، وما ينفرد به من قيم عظيمة وغرس طيّب للمؤسس المغفور له عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه-، الذي كان همه الأول والأخير الحرص على نشر الخير وإدراك قيمة البذل واستثمار الثروة لإسعاد الشعب والتخفيف من المعاناة التي يعيشونها أينما كانوا من دون تحيّز أو تمييز.
المملكة تعطي اليوم وفي هذه الظروف الاستثنائية دروساً في كيفية التعامل مع الأزمات والطوارئ بحكمة وحنكة وهدوء قيادتها، وتعطي دروساً في الترابط الوطني والتلاحم الإنساني بما قدمه المواطنون الذين يعيشون على أديم أرضها من حرص شديد على الالتزام بالتوجيهات وعمل التدابير الوقائية والإجراءات الاحترازية، وكذلك بحرصها على مد يد التضامن الدولي في مواجهة هذا الوباء، وتقديم المساعدة والعون للدول الشقيقة والصديقة والمنظمات المتخصصة لاتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمواجهة وباء القرن، ترجمة لرؤية عبَّر عنها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله- بقوله: «هذه الأزمة الإنسانية تتطلب استجابة عالمية، ويُعول العالم علينا للتكاتف والعمل معاً لمواجهتها».
ومع كل عناوين الاعتزاز والفخر بالمساهمات والمنح المجتمعية المحلية التي يقوم الجميع بالتسابق لتقديمها هنا وهناك، نتمنَّى التنسيق الفعّال لجهود الجهات المنسقة لمبادرات صندوق الوقف الصحي حتى تتحقق الاستفادة منها بالشكل المؤثر والمطلوب، وحفظ الله الوطن في ظل خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين.