عبدالكريم الحمد
أتعمد دائماً في افتتاحية كل مقالة من مقالاتي تأصيل الكلمة الأبرز في العنوان لتسهيل إيصال الفكرة للقارئ والاندماج لغوياً ومعنوياً للوصول للغاية والهدف، وكلمتنا الأبرز في عنوان المقالة لهذا الأسبوع هي (الضجيج)، وقد عرّفها اللغويون والفلاسفة بالأصوات غير المرغوب فيها ووصفوها بـ «التلوث الضوضائي»، حيث لا يمكن في حالات الضجيج التمتع بفن الاستماع أو الدخول في نقاشات أو حوارات، وربما يختفي العقل، ويتحكم الصوت العالي في انفعالات الإنسان وسلوكياته، ففي ظل الضجيج لا نستطيع أن نتحلى بفضيلة الصمت.
في مراحل زمنية سابقة اعتادت فئة عُرفت بميولها الأصفر الدخول في تفاصيل خصمها التقليدي «مع فارق البطولات» خارج الملعب بعد أن عجزت عنه داخله، والبحث عن جزئيات ومفارقات لم تشفع لناديها بالهيمنة والتفوق، بل العيش على فتات الشعبية والوهج الهلالي والاحتكاك بمواجهاته وتاريخهم معه عملاً بمقولة «جاور السعيد تسعد».
اعتادت جماهير كل ناد أن تقرأ وتسمع وتشاهد جرداً وتقييماً لحصيلة ناديها من إعلامها المهتم بشأن كيانها، إلا أن فئةً حُرمت من تلك الميزة بانشغال منابرها بتاريخ الجار ومنجزاته والركض خلف قضاياه بحثاً عن دور البطولة والمصالح الشخصية في نظر قلة من جماهير سئمت بطء مسير ناديها نحو تقليص فارق الأرقام والتاريخ أمام جاره. (فهد الهريفي) أوجز تلك العلة في عبارة بقوله: «نحن نريد الاستمرارية في حصد الألقاب كل موسم، النادي لا يمكن أن ينافس الزعيم بالملعب فقط في ظل ضعف إعلامه».
فالنصر من وجهة نظري منذ تأسيسه عاش بفضل إعلامه «ثلاث مراحل» كانت سبباً رئيسياً في ضعف أرقامه وإنجازاته رغم حظوته بالجماهيرية، وأولى تلك المراحل هي المرحلة «الماجدية»، حيث انغمس النصراويون في تلك الفترة بإنجازات (ماجد عبدالله) الفردية وجوائزه الشخصية خلال 22 عاماً التي لم يحقق معه النصراويون خلالها سوى 11 بطولة، ثم جاءت المرحلة الثانية وهي مرحلة «العالمية»، حيث عاش النصراويون وهماً طيلة 20 سنة لم يحصدوا خلالها سوى 5 بطولات، أما المرحلة الثالثة الحالية فهي مرحلة «إثبات البطولات التصنيفية» من خلال ما شهدناه في الفترة الأخيرة من كرّ وفرّ سعياً لتمرير إنجازات لم يعترف بها أي جهة رسمية أو غير رسمية سوى مركزهم الإعلامي.
ورغم كل ما نراه من ضجيج وهجوم إعلامي وجماهيري غير اعتيادي على كل من يحاول المساس بالكيان النصراوي، إلا أن تلك الثقافة أثبتت في الأيام الأخيرة خسرانها وضعفها وهشاشتها بعد أن تكالبت تصريحات من كل حدب وصوب سواء على صعيد فنانين أو لاعبين سابقين أو حتى لاعبين حاليين مثل (السناني والجابر والسلومي وهزازي والهريفي)، كان الخاسر الأكبر فيها بلا شك الكيان الأصفر وبعض جمهوره العاشقين الصادقين الباحثين عن المنصات والمنجزات بعيداً عن التبريرات والإحراجات التي جلبها بعض المحسوبين على ناديهم.
قبل الختام
عوامل عدة صنعت فارقاً كبيراً بين الهلال وجاره النصر، ومن أهمها رسوخ وانغراس مبدأ الثبات في المنافسة والفوز في نفوس الجماهير الهلالية كونها المؤثر الأول في مسيرة فريقها سواء عبر المدرج، أو على صعيد الانتقاد والمطالبة بنهوض الفريق فور كبوته..
هل وصلت الجماهير النصراوية لتلك المرحلة؟ اسألوا إعلامه المرابط على عتبات الهلال.