كل شخص في هذا الكون معرض للإصابة بمرض وبطبع، يختلف نوع وحدة هذا المرضى ومدى تأثيره، فقد يكون هذا المرض صداعاً خفيفاً أو رشحاً مؤقتاً أو مرضاً مزمناً أو خطيراً يهدد حامله.
ولكن السؤال الحقيقي ما الذي ينتاب حامل المرض؟ وما الذي يفكر فيه أثناء مرضه؟ وهل سيكون هذا التفكير دافعاً له لتغيير نمط سلوكه المستقبلي؟ كمرحلة أولية سيفكر بكل تأكيد في العلاج وطريقة التعافي منه، ومدى قدرته على التكيف مع وضعه الجديد، وقد تصحب هذه المرحلة بعض الأمور القاسية، فهذه المرحلة لها شقان؛ مرحلة العلاج والتكيف، وربما تكون قصيرة أو طويلة، وأيًّا كانت هذه الرحلة، سيترتب عليها عدة أمور، تنعكس بشكل مباشر على حامل هذا المرض؛ منها -على سبيل المثال- توقف الجوانب الاقتصادية أو الجوانب الاجتماعية وغيرها الكثير، وهذا أمر طبيعي لأن مرحلة الأولويات تغيّرت بالنسبة إليه، فالصحة هي الأمر الأهم في هذه المرحلة، فهي المحرك الأساسي لباقي الأولويات، أما المرحلة الثانية فهي بيت القصيد، فسيعيد تفكيره بأولوياته في الحياة وقراراته التي اتخذها هل كانت صائبة أم لا؟ وسيطرح عدة تساؤلات على نفسه تبدأ بكلمة لماذا لم أعمل هذا العمل؟ ولماذا قمت بتأخير هذا الأمر؟.
ولعلنا هنا نستشهد بمقولة أينشتاين عندما طرح ملاحظة قائلاً: «لا يمكن حل المشكلات الكبيرة التي تواجهنا ونحن على مستوى التفكير الذي كنا عليه عندما صنعنا هذه المشكلات»، ومعنى ذلك أن طريقة تفكيرنا وطرق معالجتنا للأمور ستختلف بشكل كلي، وسنمنح أنفسنا فرصة حتى تعافينا بفعل أمور كنا قد أهملناها أو لم تكن من أولوياتنا أو من خطط قد رسمناها لأنفسنا، إن العوائق بشكل عام أو الأمراض بشكل خاص التي قد تعيق الإنسان لفترة من الزمن وتجعله يعيد حساباته لا بد أن نعتبرها إشارة توقف وفرصة لتغير لون الخط الذي نرسم به السياسات ونحدد به الأهداف، فمرض كورونا العالمي وما صاحبه من اختبار لكثير من الدول في سبل مواجهته، سينحسر بقدرة الله ثم بالجهود المبذولة بعد فترة من الزمن أيًّا كان عمرها كغيرها من الأزمات السابقة، لكن آثارها الاقتصادية أو الاجتماعية سيكون لها أثر، مما يحتم علينا إعادة تفكيرنا، وإعادة صناعة أولوياتنا الاجتماعية والاقتصادية والحياتية، وعلى المستويات كافة، انطلاقاً من المواطن نفسه إلى مؤسسات الدولة للنهوض والانطلاق بشكل قوي، ومواصلة مسيرة العطاء، فالدروس المستفادة من هذه الأزمة كثيرة، لعل أهمها التكامل والتكاتف مع مؤسسات الدولة, الترشيد الاقتصادي وبناء أولويات الصرف، واستثمار الوقت، وخلق فرص الإبداع، فمن رحم الأزمات تخلق الفرص، بناء استراتيجيات الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي وغيرها الكثير.