خالد بن حمد المالك
تأتي أهمية قرار إلزام البقالات والتموينات وجميع منافذ البيع بمختلف الأنشطة التجارية بتوفير أجهزة الدفع الإلكتروني، من أنه سوف يقضي على التحايل، والتهرب من المسؤولية، ومنع استمرار سيطرة الأجانب على محلات البيع، وهي وإن اقتصرت على البقالات والتموينات ومحطات الوقود في الوقت الحاضر كما نصّ على ذلك قرار وزارة الشؤون البلدية والقروية، بناءً على ما توصل إليه البرنامج الوطني لمكافحة التستر إلا أن القرار سوف يفتح صفحات كثيرة لعدد من النشاطات الأخرى التي يمارس فيها الأجنبي أعمالاً تجارية بطرق تحايلية وغير نظامية.
* *
في كل دول العالم، لا يتم استخدام النقد إلا في حالات قليلة جدًا، فكل مستهلك حتى ولو كانت قيمة مشترياته لا تتجاوز الخمسة دولارات، فإن بطاقة البنك تكون حاضرة معه لتسديد المستحق عليه، بينما ندفع نحن بالآلاف نقدًا مقابل مشترياتنا لعدم توفر الدفع الإلكتروني في أغلب المحلات التجارية، وكأننا بهذا نساعد على الاستخدام الأسوأ لهذه النقود، وتوظيفها -ربما- بما لا مصلحة لبلادنا فيه.
* *
يقودني هذا إلى القول: إن القرار وإن لم يحظ باهتمام إعلامي كبير كما كان يجب، وإن مرّ على وسائل الإعلام مرور الكرام -كما يقال- فهو في نظري واحد من أهم القرارات، وسوف تكون من نتائجه أن كثيرًا من المحلات سوف تؤول نشاطاتها إلى سعوديين، ولن يكون أمام أي كفيل فرصة للتحايل إذا ما تم تشديد المراقبة والمتابعة، ووضعت عقوبات صارمة تمنع التستر على أي نشاط غير نظامي لغير السعوديين، وهو ما يعني أهمية صدور لائحة بالعقوبات المعلنة التي تترتب على صاحب العمل حين لا يوفر استخدام وسيلة الدفع الإلكتروني بقصد التهرب من كشف المالك الحقيقي للمحل التجاري.
* *
تقول المعلومات المتواترة إن عدد البقالات والتمويلات التي يشملها هذا القرار تلامس حدود (54.000)، وأن في الرياض وحدها (14.000)، بينما عددها في المنطقة الوسطى والشمالية (28.000)، ومعظم هذه البقالات والتموينات تملكها وتديرها جاليات أجنبية، أغلبهم جنسياتهم هندية أو بنجالية، بينما من يمدها بالبضائع تكون عادة جهات (متخصصة) للبيع لهذه البقالات تحديدًا، وغالبًا فإن هؤلاء أجانب ومن نفس هذه الجاليات وبعض بضائعهم يتم إعدادها وصناعتها في أماكن مشبوهة وغير نظامية.
* *
ولسنا في حاجة إلى التذكير بأن سيولة هذه البقالات ومصادر تمويلها سوف تذهب مباشرة إلى البنوك، مع تطبيق هذا القرار، وإلزام هذه البقالات بفتح حسابات لها بالبنوك، تودع بها قيمة مبيعاتها وسيولتها، وبالتالي سيتم التعرف على صاحب البقالة الحقيقي، ومن يتصرف بهذه المبالغ، وإلى أين ستكون وجهتها، فإن كان سعوديًا فهذا هو المطلوب، وإن كان غير ذلك وليس نظاميًا، فعليه أن يتحول إلى رجل أعمال مستثمر بما له وما عليه بموجب نظام الاستثمار الأجنبي، والمتوقع أن يتم إغلاق نصف هذه البقالات، ويتوقف نشاط التموينات ليتم ملء الفراغ بسعوديين يبحثون عن فرص دون وجود منافسة غير عادلة من هؤلاء الأجانب.
* *
هذا القرار سوف يقضي على التستر، ويمنع استخدام المال العائد من هذه البقالات بطرق ربما تكون مضرة بالمملكة، إلا أنه في المقابل سوف يتيح الفرصة للمواطنين والمواطنات للإحلال محل هؤلاء الأجانب الذين كانوا دائماً منافسين قادرين على إقصاء أي محاولة للسعوديين للعمل في هذا السوق التجاري النشط، على أن وجود وسائل الدفع الإلكتروني لا يلزم المستهلك بعدم الشراء نقداً، ولكن من مصلحة بلادنا أن تشجع هذه المبادرة من (البرنامج الوطني لمكافحة التستر) فيشتري المستهلك بالبطاقة بدلاً من الدفع نقداً.
- يتبع -