محمد آل الشيخ
كنت أعرف أن جماعة الإخوان المسلمين هي من أوسخ وأقذر الحركات المتأسلمة السياسية في العصر الحديث، فهم يذهبون إلى أبعد حد في استخدام الميكافيلية - (الغاية تبرر الوسيلة)، ولا يراعون في ذلك حلالاً أو حرامًا، طالما أنهم يرون أن مصالحهم السياسية تتطلب ذلك. لكنني لم أتصور أنهم يبتزون قادة الفصائل المتأسلمة، في إرغامهم على ممارسة أدوار سياسية أو عسكرية ليسيروا فيما يراه زعماؤهم من مصالح للجماعة التي يسمونها (المصالح العليا).
وغني عن القول إن «رجب طيب أردوغان» رئيس تركيا مؤدلج صرف، وإخواني إلى العظم، فقد وجد في آليات هذه الجماعة وثقافتها أفضل وسيلة لإحياء دولة بني عثمان، ووجد في حكام دويلة قطر منهلاً ماليًا لا ينضب لتمويل طموحاته، دونما خسائر. أردوغان يعمل لتحقيق طموحاته العثمانية، واستعادة ليبيا، لتكون له موطأ قدم لحصار مصر أولاً والجزائر ثانيًا، وتكون منطلقًا لنفوذه للسيطرة على ثروات البحر الأبيض المتوسط الغازية؛ وفي الوقت ذاته يعرف أن ازدياد أرقام الضحايا من الأتراك في حربه ضد الليبيين سيثير عليه عاصفة هوجاء في تركيا، قد تقتلعه من جذوره، وتحيل مشروعه إلى سلة المهملات. لذلك وجد في تجنيد السوريين المنتمين إلى الفصائل السورية المتحالفة مع تركيا أفضل الطرق لاستمرار الحرب في ليبيا، ولكن بكوادر عربية، وليست تركية. بعض رؤساء تلك الفصائل السورية المتحالفة مع تركيا، أظهروا للأتراك بعض الإباء، فمعركتهم ضد الأسد، وليست في ليبيا. هنا جاء دور الإذعان، وقذارة جماعة الإخوان، فقد كانت المخابرات التركية قد احتاطت لهذا الموضوع، ومسكت على زعماء تلك الفصائل مستمسكات، بعضها أخلاقية، وهددتهم إذا لم ينفذوا الرغبة الأردوغانية، ويشحنون كوادرهم للقتال في ليبيا، فإنهم سيسربون هذه المستمسكات، ويفضحونهم أمام كوادرهم، وأمام السوريين. طبعاً من يعرف هذه الجماعة القذرة، ويعرف أن التأسلم مجرد وسيلة للوصول إلى كرسي السلطة، لن يستغرب أساليبهم هذه، بل إن كبار منظريهم كانوا يلمحون دائمًا لكوادرهم أن العمل السياسي، مثل الحرب، ويستدلون بقول الرسول صلى الله عليه وسلم (الحرب خدعة)، وهم في كثير من فتاويهم ينسفون ضوابط الحلال والحرام في الدين الحنيف، لتحقيق مصالحهم السياسية، أو لدفع كل ما من شأنه الإضرار بما يسمونه (مصالحهم العليا)؛ وأدل دليل على ما أقول فتواهم بجواز الانتحار إذا طلبت الجماعة من أحد كوادرهم اقتراف هذه الممارسة المحرمة شرعًا بنص قرآني، {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}.
كل ما أريد أن أقوله هنا إن أوردغان، عندما ابتز زعماء الفصائل الموالين له ولدويلة قطر، لم يأت بجديد، فتلك الأساليب من صلب ثقافة جماعة الإخوان، والضابط هنا مصلحة الجماعة، والعمل على تمكينها؛ لذلك فالسراج في غرب ليبيا هو (إخواني صرف)، يجب أن يخون وطنه، ويبيع مقدراتها، من أجل أن يمكن لجماعة الإخوان، ممثلة في أردوغان أن تحكم ليبيا مثل ما كانت تحكمها في الماضي.
إلى اللقاء