عبده الأسمري
يظل صوت «الحقيقة» الصدى الأجمل لتزكية النفوس والمدى الأمثل لتنقية الأرواح.. حيث يملأ الشخصية بكل اتجاهات «الواقعية» وجميع موجهات «المصداقية» للوصول إلى العيش تحت ظل «الصدق» وبين ظلال «الحق».
تهاجم «تشكيلات» الوهم وأسراب «التوهم» النفس الإنسانية فترميها في قبو مظلم من «الغرور» وقاع بائس من «الأنانية» وتحيطها بشراك «النرجسية» وتسجنها في إطارات «العزة» المرضية فتظل حبيسة للافتراض وسجينة للتكهن فترمي صاحبها ومتبعها في براثن «السوء».
منذ أن خلق الله عز وجل البشر ظلت «الصراعات» نزعات إنسانية و«المجادلات» نزغات شيطانية شوهت وجه «الحقائق» وسودت بياض «السرائر» فتعالت صيحات «الأنا» وطغت صرخات «التعالي» فتشكلت دوائر «النزاع» وتكونت مكامن «الخلاف».
عندما يسيطر «الوهم» على شخصية الإنسان فانه يقحمه في لبس «رداء ذاتي» خارج مقاسات «الواقع» وفوق معطيات «المنطق» فتجده شخصاً مريضاً بالتوهم مزعزع «الثقة» فوضوي «الرد» غوغائي «التعامل» عشوائي «التعايش».
صنع الوهم لدينا «شخصيات مريضة» فرغت شحناتها النفسية في «مؤثرات» ووجهت ويلاتها الذاتية في «تأثيرات» فأقحمت نفسها في دائرة «الشر» وتقمصت أدوار «الاحتيال» وتلبست أقنعة «التحايل» ولبست أوهام «الزيف» ونثرت «سواد» التزييف على أرض «الوقائع».
تعد الأوهام من أسوأ الاضطرابات التي تهاجم النفس وهي متعددة ومتشعبة ولكن أسوأها ما يتعلق بالذات فكم من شخص استعمره «الوهم» فسقط في «سوءات» الفشل ووقع في «متاهات» الباطل.. وكم من فرد استسلم لوهم ذاتي أدخله في شراء ذمم الآخرين وفي توجيه «سهام» الغيبة وتسليط «أعيرة» النميمة حتى أصابت «ضحايا» في مقتل البراءة.
ليس هذا فحسب بل أن الوهم يصنع شباك «فرضياته» على العقول فيدخل المستسلمين لادعاءاته والخاضعين لترهاته في غيابت «الأخطاء» ويرميهم في «غياهب» السلبيات فتتشكل قطبية محزنة من الإساءة للنفس والغير في قالب المعاملات وقلب التعاملات.
الوهم أمر خطير تصنعه «النقاشات» العابرة التي لم يلق لها «الإنسان» بالاً وتشكله «الصراعات» المفاجئة التي لم يجد لها الشخص حلاً فيظل رهيناً لتلك العواصف التي كان «العقل» كفيلاً بمواجهتها و»الفكر» دليلاً لطردها مع أهمية إخضاع كل التجارب إلى المعطيات والمؤشرات بحثاً عن طرق «التأكيد» بعيداً عن الاجتهادات الخاصة أو «الافتراضات» المحتملة.
ما بين الوهم والمرض النفسي ارتباط وثيق وترابط أوثق لمهاجمته المناعة النفسية ومحاولة اقتحام مسارات الظنون للإقامة فيها وتحويلها إلى تأكيدات وفتح أبواب الاحتمال أمام الأفكار السلبية وتبديلها إلى معطيات في محاولة بائسة لصناعة «الافتراض» وصياغة «التكهن» بأساليب تتحول إلى «اضطراب» شخصي في النفس و»تضارب» سلوكي نحو الغير.
يحاول المبتلون بعقد «النقص» البحث عن «إكمال» نواقص أنفسهم بالارتماء في وحل «الوهم» حتى يلطخوا السريرة الموجهة بأمر التوجيه العقلي بوهم يعاكس الواقعية وما أن يستمروا في هذا السقوط المعلن من جهة «الشخصية» المضطربة والاستجابات الخاطئة حتى تزداد حالتهم سوءاً من جانبي إدارة «الذات» وتعديل السلوك وهم لا يعلمون أن «الحل الشافي» يكمن في الخروج من «مأزق» العزة بالخطأ والنجاة من «معتقل» الاعتزاز بالباطل حتى ينقوا ذواتهم من الأوهام «الدخيلة» التي تحول «الشخص» إلى أداة «هدم» مع نفسه ومع المحيط الاجتماعي الذي يعيش فيه سواء كان في إطار «حياتي» أو مجال «عملي».
ما بين مخاطر «الوهم» وأمراض النفس تكمن «قضية» هامة يجب أن تراعى فيها «الأسباب» وأن ينظر فيها إلى المعطيات والعطايا وعلى كل من تعرض «للوهم» أو صادف هجومه أن يكون «واعياً» ليمنع تغيير الشخصية وتحميلها فوق طبيعتها مما يجلب «المرض» ويخلف «الاضطراب» ويسبب «الشتات».
يجب مواجهة «الوهم» و»التوهم» سواء على مستوى «الذات» أو سبل «التعامل» بالحرب عليه ووأد مخططاته وهزيمة فرضياته للعيش في «أمن» نفسي و»أمان» سلوكي يعتمد على الثبات ويسمو إلى الإثبات بعيداً عن مخالفة الواقع.