على مر التاريخ ونحن -بتوفيق الله- في المملكة العربية السعودية وبعقيدتنا وهويتنا ووطنيتنا ننهض في كل أزمة، وهذا بفضل الله ثم بفضل قيادتنا الرشيدة منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- موحد هذا الكيان العظيم الذي أصبح منارة عالمية في جميع المجالات تقدمًا وازدهارًا ورقيًا يتكئ على إرث إسلامي وعربي أصيل.
وشعب يحب ولاة أمره ويؤمن بحنكتهم وقيادتهم عبر مراحل تاريخ الدولة السعودية الأولى والثانية إلى عهدنا الزاهر عهد مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمين -رعاهما الله-، إن القارئ للتاريخ السعودي ولأول وهلة، يجد أن بلدنا لم تصل إلى ما وصلت إليه من التقدم والرخاء والاستقرار والازدهار والإنماء، إلا بعد تخطي العديد من الصعوبات والكثير من التحديات، ومع هذا وبتكاتف الشعب وولاة أمره واجتماع الكلمة وتوحد الصف تحققت طموحات واضحت الآمال واقعًا من التطور والإنماء الذي جعل المملكة في مصاف الدول المتقدمة في جميع المجالات.
كان الملك عبدالعزيز - رحمه الله - رجل متعدد المواهب والصفات، حيث استطاع أن يوحد بلدانًا وقبائل وشعوبًا وأن ينشر الأمن والاستقرار في منطقة شاسعة، ومن أهم خصاله إيمانه بالله قبل كل شيء ونبل هدفه الذي اعتمد فيه على الله عز وجل ثم على أبناء شعبه في تحقيقه وقوة شخصيته وموهبته القيادية وحكمته المتميزة، ومن صفاته أيضًا صبره على المكاره وإنسانيته ورحمته بالغير رغم قوته، وعفوه عند المقدرة، وعُرف عن الملك عبدالعزيز أنه لم يحقد على أحد حتى تجاه من ناصبه العداء أو أساء إليه، بل تمكن من تحويل خصومه إلى أصدقاء مخلصين وعاملين له في دارة الملك عبدالعزيز، ومع هذا كان ولاة الأمر منذ عهد المؤسس -رحمه الله- يضعون الشعب في سلم أولوياتهم، يصف «رميردينج» استقبال الملك عبدالعزيز للطبيب بول، حيث قال له «إنه طلب قدومه ليس للاعتناء بصحته أو صحة عائلته، لكن السبب احتياج شعبه، وأنه قد خصص منزلاً قريبًا ليكون مستشفى، وكان يريد أن تتم معالجة شعبه دون تكلفة مالية عليهم».
وهذا هو شأن ملوكنا وقادتنا -رحمهم الله- حتى عهد مولاي الملك سلمان -رعاه الله- وولي عهده الأمين، الذين جعلوا كل شيء في كفة وصحة وسلامة المواطن والمقيم في كفة أخرى هي التي لها الأولوية، من خلال ما تم من الاحترازات الوقائية في مكافحة هذه الجائحة العالمية، فكانت سلامة المواطن والمقيم مقدمة على ما سواها، مع العناية بكل أسباب الراحة من الغذاء والدواء لكل من يقيم على أرض الوطن حتى المخالف لأنظمة إقامة العمل. مما جعل المواطن والمقيم يتقبل التوجيهات بصدر رحب وسعة صدر أملاً في تخطي هذه الصعوبات وتحقيق طموحات القيادة -رعاهم الله. وهذا التكاتف أصبح مضرب المثل على مستوى العالم في التكاتف وفي الاحترازات وتنفيذ التوجيهات وبما تقدمه الدولة - رعاها الله - لشعبها من دعم يخفف من حدة وطأة هذه الجائحة التي ألقت بظلالها على جميع.
مناشط الحياة على مستوى العالم
ولهذا فإننا نرفع أكف الدعاء لكل من يعمل في الميدان من الطواقم الصحية والإدارية والأمنية وجنودنا على الحدود بأن يوفقهم الله وأن يكون لهم حافظًا ومعنا كما نسأله لولاة أمرنا بطول العمر وأن يجزيهم عن شعبهم وأمتهم والعالم أجمع خير الجزاء. وفي الختام فإن لرب الأسرة بالغ الأثر في تربية الأبناء على حب وطنهم وأن نجعل من فترة حظر التجول دروسًا في تاريخ وطننا العظيم، وما يجب علينا بعد هذه الأزمة من العمل بكل جد واجتهاد على خطى الآباء والأجداد يدًا بيد مع ولاة أمرنا في سبيل وطننا وازدهاره وتقدمه فهو يستحق منا الفداء بالروح والدم وكل ما نملك.