عبدالعزيز بن سعود المتعب
أتفهّم أن يكون للشاعر المبتدئ حرية تكوين أدوات تجربته الشعرية التي يفترض أن تكون متميزة في قادم الأيام.. كتكثيف مخزونه اللغوي -على سبيل المثال- بالقراءة المتنوعة التي تشمل الاطلاع على قصائد من سبقوه من الشعراء المتميزين.. أمّا أن يكون كل تركيزه واهتمامه منصباً على تجربة شاعر معين فقط، لدرجة أنه يجتر تجربته وعصره ومفرداته وصوره في القصيدة حتى يصبح صورة باهته (مقلدة) من هذا الشاعر المتميز فسينتهي به الأمر كما قال الشاعر (وفسّر الماء بعد الجهد بالماء) وما حداني لرصد هذه الحالة المؤسفة هنا هو أن هناك الكثيرين من المعاصرين (من ضحايا تجارب المتميزين) وتحديداً في وسائل التواصل الاجتماعي -كواقع ملموس وموثق لحال القصيدة- من منظور نقدي لتجارب يفترض أن تكون لها استقلاليتها، إلا أن أصحابها ارتضوا على أنفسهم من حيث يعلمون أو لا يعلمون أن يكونوا أشباه شعراء بلا بصمة تميز مع الأسف! لسبب رئيسي وهو أنهم لم يلجوا باب التميز من الأساس في خطواتهم الأولى عبر فضاء الشعر الرحب، فأحدهم يقلد الشاعر الكبير خلف بن هذال في أسلوبه في القصيدة بل وحتى في إلقائه للشعر! وآخر يقلد الشاعر الكبير الأمير بدر بن عبدالمحسن حتى في أصغر تفاصيل صوره الشعرية، ناهيك عن أفكار قصائده ومفرداته وقس على ذلك..! وكان الأولى بمن قدموا أنفسهم للناس كشعراء في خطواتهم الأولى في (فن الشعر) البحث عن ملامح تجاربهم الشعرية ثم بصمة تميزهم لا أن يلجوا باب الشعر من هنا ويخرجوا من بابه الآخر في لمح البصر لأن قسوة مداد النقاد الموضوعية لن ترحم والإحجام في هذا الشأن أيسر من الإقدام لمن لا يملك ألهمه والطموح.
- وقفة: للشاعر الكبير رشيد الزلامي
«رحمه الله»:
يا رجم قل لي وين معدوم الأوصاف
اللي بحبه صابني وابتلاني
أخذت في حبه ربيعٍ ومصياف
وعانيت من بعده عذابٍ براني
البدو سكان الصحاري والأرياف
تسببّوا في بعد صاف الثماني
أرضٍ رحل منها على طول تنعاف
لو أثمرت بالورد والزعفراني