صبحي شبانة
لم يكشف أحد حتى اللحظة الغموض الذي يكتنف الأوضاع في قطر بعد أن تداول مغرِّدون قطريون اليومين الماضيين على نطاق واسع في ساحات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تخللها سماع دوي إطلاق رصاص كثيف، وتحليق للطائرات العسكرية، بمنطقة الوكرة قرب العاصمة الدوحة، تزامنت مع تغريدات نشرها الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، رئيس وزراء قطر الأسبق، ووزير الخارجية السابق الطامع في الحكم والذي يرى أحقيته بحكم قطر، بعدما رسم سياستها الداخلية والخارجية طيلة العقدين الماضيين.
إذا ما كان قد تسرّب عن إحباط محاولة الانقلاب في قطر اليوميين الماضين صحيحاً، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا الآن؟ ومن وراء هذا الانقلاب اللغز؟ منذ مدة طويلة والأخبار الواردة من قصر الوجبة (القصر الأميري) في الدوحة تؤكد أن الأمير الأب الشيح حمد بن خليفة آل ثاني والد حاكم قطر الحالي يعاني من مرض عضال، وكافة التقارير تشير إلى أن حالته تدهورت بشكل كبير في الآونة الأخيرة، وأن العائلة المالكة القطرية طلبت المساعدة من فريق طبي جاء على عجل من كل من الولايات المتحدة وإسرائيل لعلاج الأمير الأب الذي يعيش أيامه الأخيرة، وهذا ربما يكون هو السبب المباشر الذي شجَّع الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، رئيس وزراء قطر الأسبق على القيام بمحاولة الانقلاب للقفز على عرش قطر والإطاحة بالشيخ تميم بن حمد أمير قطر الحالي، خصوصاً أن الشيخ حمد بن جاسم يرى في نفسه مهندس انقلاب فبراير 1996 الذي أطاح بالأمير الجد الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني.
تاريخ الانقلابات في قطر أشبه بما كانت عليه الانقلابات في دول أمريكا اللاتينية القرن الماضي من حيث عنصري التعدد والمفاجأة، فإن صحت محاولة الانقلاب في قطر هذه المرة سيكون استثناءً وغير مفاجئ، فالإمارة الصغيرة تعاني من مقاطعة عربية من دول شقيقة كبرى وازنة، السعودية، مصر، الإمارات، البحرين، منذ أكثر من ثلاث سنوات دفعت الشعب القطري إلى التململ من السياسات الخاطئة للشيخ تميم الذي فتح بلاده أمام القاعدة العسكرية التركية والقوات الإيرانية التي تجاوز بها عدد الجنود الأتراك والإيرانيين وربما زاد عن عدد المواطنين القطريين.
الضحية في قطر هو الشعب العربي الذي يعاني من تسلّط المرتزقة من الجنود الأتراك الذين يعبثون ويتحكمون بسادية أشبه بما كان عليه الوالي العثماني من تسلّط وجبروت عانت منه الشعوب العربية تحت حكم ما سُمي بالدولة العثمانية طيلة حكمهم البائد منذ أوائل القرن السادس عشر وحتى بدايات القرن العشرين والتي باتت جزءاً من التاريخ المنسي في بلادنا، للأسف تلك السادية البائدة يعيشها المواطن القطري واقعاً في القرن الواحد والعشرين.