أكبر معيق لتطور الموهبة أن تحاط بمجموعة مصفقة ومعززة لما تقوم به دون نقد وتوجيه في الوقت والظرف المناسب، مع حاجتنا جميعاً لمن يدعمنا ويحفزنا على العمل والإبداع والوقوف بجانبنا بقليل من العاطفة والحب والكثير من العقلانية، لكن يواجه كثير من المواهب أو المجتهدين مشاكل مؤثرة في تطوير جوانبهم الإيجابية عندما يحيطون أنفسهم بشلة من المعززين يسمعونه الإشادة لكل عمل يقوم به ولو كان عملا سخيفا، ولكن شلته لا بد أن تؤازره، وانعكس ذلك على ضعف وتدني مستوى كثير من المواهب خاصة في المجال الفني لأن الفنان البارز الذي أحاط نفسه بشلة من الفنانين والإعلاميين الذين يمدحون كل ما يقوم به دون أي نقد حقيقي لذا نلاحظ أن هناك العديد من المواهب على جميع المجالات سواء الفني أو الرياضي أو الإعلامي وحتى على المستوى الإداري اختفت أو ضعف أداؤها نتيجة انزلاقهم إلى الشلة المقربة فقط التي تعز لهم حتى في الخطأ الواضح، فبهتت موهبتهم لأن النقد والتوجيه والرأي الصحيح اختفى من شلة المعززين.
لذا مع كل شهر رمضان الكريم نشهد سباقاً للإنتاج الدرامي والبرامج ومع موجة شبه مكررة من الوجوه نستطيع التنبؤ بشلة كل فنان أو مقدم برامج مع تغيير لا يتعدى في أحسن الأحوال 30% من باب التجديد وإيصال رسالة بأن الشلة مهمة فحرص أن تكون من هذه الشلة لكيلا ينساك هذا النجم أو ذاك المنتج، ومع ارتفاع الوعي لدى المشاهد أو القارئ والتطور خاصة في المجال الإعلامي شهدنا مواهب بجهود فردية على مختلف منصات التواصل الاجتماعي وبمشاهد بحبكة ونص مترابط تتفوق على كثير من الأعمال ذات الإنتاجات الضخمة. وللأسف يتكرر السيناريو في رمضان بين مسلسلات كوميدية تجذب هواة التهريج والضحك على حركات مصطنعة وبين مسلسلات تصنع من أجل إبراز نجومية فلان أو فلانة حتى ولو تقدم بهم العمر والدور لا يتناسب معهم، المهم الطلة الرمضانية وما يزيد الأمر سوءاً إحضار شلتهم ليعملوا معهم في العمل عرفاناً وتقديراً لهم لما يقدمونه من مديح وثناء لنجمهم وتبرير حتى لو ضعف أداؤه أو كان النص ركيكاً، وانعكس مبدأ الفزعة على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال تنظيم هاشتاقات وإعادة إرسال أو تغريد لبعضهم بعضا، وكأن المجاملة مستباحة حتى لو مورس الخداع والتمويه والتغرير للآخرين المهم أن صورة المشهور تبقى مثالية وعالية حتى ولو كانت صورته مقدمة من شلة الفزعة.
لذا نرى الأداء الإعلامي ضعيفا في تقديم صورة إيجابية ومحفزة للمجتمع من خلال خطط مدروسة ليكون أفراده إيجابيين ومنتجين ويساهموا في بناء مجتمعاتهم من خلال دعم المهن والعمل والسماحة وتقديم نماذج إيجابية بعيداً عن عرض قصص وحكايات نادرة الحصول بدلاً عن التطرق لقصص حقيقية ولاسيما مع هذه الظروف الاستثنائية من خلال قصص الإقبال العالي على التطوع وحكاياتهم الإنسانية، كذلك العاملون في المجال الصحي والأمني وقصص البذل والعطاء المختلفة لأفراد المجتمع لرفع الوعي والإعجاب بهذه المهن أوالأعمال، وكما قال الدكتور غازي القصيبي -رحمه الله- لا شيء يقتل الكفاءة الإدارية مثل تحول أصحاب الشلة إلى زملاء العمل، فعزيزي الموهوب تأكد أن شلة الفزعة تضعف موهبتك وحتماً ستنتهي أنت وإياهم إلى كومبارس في ذاكرة المجتمع.