وُلد وعاش صديق العمر الأستاذ عبد الله بن حمد الباتلي في مسقط رأسه في بلدة حريملاء، وفي أسرة متوسطة الحال، يعمل أفرادها بالفلاحة بشتى أنواعها؛ وهو ما أشغلهم عن طلب العلم كأمثالهم من غالبية الأُسر في ذلك الوقت.
التحق في مرحلة الطفولة بأحد كتاتيب البلدة، ولم تطُلْ هذه الفترة؛ إذ تم افتتاح المدرسة الابتدائية في حريملاء عام 1369هـ، والتحق بها كأمثاله من الأطفال، ونال منها شهادة المرحلة الابتدائية، وشاء الله له أن يتفق مع مجموعة من زملاء المرحلة الابتدائية، أمثال الإخوان: إبراهيم بن عبد الله القضيب وعبد الله بن إبراهيم التركي وعبد الله بن عبد الرحمن الخريف وعبد الرحمن بن عبد العزيز المشعل - رحمهما الله - وعبد الرحمن العمراني، وذلك بتأثير ممن سبقهم، أمثال الأديب الأستاذ عبد العزيز بن عبد الرحمن الخريف، بأن يتوجهوا للدراسة في دار التوحيد بالطائف، وهكذا حصل؛ إذ تم قبولهم؛ فدرس المرحلة المتوسطة، ثم انتقل إلى المعهد العلمي بالرياض، وأكمل دراسته الثانوية بتفوُّق، والتحق إثرها بكلية اللغة العربية حتى تخرج منها، وكان فترة دراسته في المعهد والكلية يعمل مساء في مصنع عبد الله بن إبراهيم الخريف للبلاط والبلوك (كاتب يومية)؛ وهو ما حسَّن دخله المادي بجانب مكافأة المعهد والكلية. وشاء الله أن نجتمع سوية في عام 1377هـ، ونكون مجموعة مكونة منه - رحمه الله - وابن عمه عبد العزيز بن محمد - شفاه الله - وعبد العزيز بن محمد المشعل وعبد الله بن محمد الناصر. وكنا جميعًا طلبة في المعهد العلمي بالرياض (عزوبية)، نتقاسم المصروف، وإذا تأخَّر صرف مكافأتنا من المعهد يتولى إقراضنا؛ لأن لديه دخلاً آخر من المصنع المذكور؛ فلا ننسى له هذا الفضل. وكان بمنزلة المشرف علينا - رحمه الله وأجزل مثوبته -.
أذكر أنه بعد تخرُّجه متفوقًا من كلية اللغة العربية تزوج من عقيلته ابنة عمه في مطلع الثمانينيات الهجرية، وعيِّن مدرسًا في المعهد العلمي بالمجمعة، وزامله في هذا المعهد صديقه عبد الرحمن بن عبد العزيز المشعل، واستمر في عمله هذا حتى تم ابتعاثه للتدريس في معهد رأس الخيمة بالإمارات العربية المتحدة، فأدى واجبه على أفضل ما يكون، وحصل على شهادات التكريم، واستمر في عمله برأس الخيمة سنوات عدة إلى أن انتهت بعثته؛ ليعود للعمل إداريًّا في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وأُسند إليه عمل مهم في مكتب معالي مدير الجامعة إلى أن تقاعد بقوة النظام إلا أن المسؤولين في الجامعة طلبوا منه البقاء بالتعاقد؛ ليستمر في عمله حتى تقدم به العمر، وتثاقل في المشي شيئًا فشيئًا إلى أن صار مقعدًا على كرسي متحرك، ولم يفقد شيئًا من حواسه، وكان بشوشًا طلق المحيا، يرحب بزائريه، ويتواصل مع أصدقائه ومحبيه. ولم ينقطع التواصل بيني وبينه؛ إذ ظل مستمرًّا حتى وفاته المفاجئة - رحمه الله - في شهر رمضان بعد أن تسحَّر وصلى الفجر صباح الأحد 10-9-1441هـ ثم خلد إلى النوم ولم يفق بعدها، وانتقلت روحه إلى بارئها في نحو الساعة العاشرة صباحًا مخلفة سمعة طيبة وذكرًا حسنًا وأولادًا صالحين مؤهلين تأهيلاً علميًّا رفيعًا، يسهمون من خلاله في خدمة بلادهم وأمتهم. رحمه الله رحمة واسعة، وجمعنا به في جنات الخلد.
** **
عبدالعزيز بن محمد المشعل - وكيل متقاعد للشؤون التعليمية برئاسة تعليم البنات