د. يوسف خالد جنينة
أقوى أنواع القوة السياسية هي التي تعتمد على التأثير الفكري ودراسة المنصات الاجتماعية والدولية والسياسية وهي ماتسمى (soft power). وتعتمد على كافة الوسائل والطرق السياسية دون التوجهات الحربية أو العدائية بالحوار المؤثر على صنع القرار والدبلوماسية والتأثير المباشر وغير المباشر بدراسة وتحليل مراكز الحرب الفكرية من محنكين سياسيين وقانونيين، تقوم بدراسة التوجهات والتأثير عليها وتحويلها لخدمة التوجهات الصالحة للدولة وإعادة توجيهها وتوضيحها بطرق علمية ومنطقية مقرونة بالأدلة والوقائع الحقيقية لإظهار الحقائق بطرق علمية هادئة مقترنة بقوة المنطق والحقيقة، بعيدة عن الدعايات المقرضة والاستفزازية وبعض المحطات العدائية أومنصات الإعلامية المعادية في توجهات لتغيير الحقائق السياسية والاجتماعية وتحويرها وإخراجها عن مسار الحقائق لتحقيق أهداف معادية. فيلجأ الساسة والمفكرون بدراسة تلك الأحداث الدولية والعالمية والوطنية، وإعادة بلورتها وصنع قوة ناعمة مؤثرة في السياسة السعودية دون اللجوء للقذف والشتم، بل تعتمد على قوة الفكر والتوجه للدراسات والتحليل وإعادة بلورة الحقائق المغلوطة الى واقعها ومواجهة المجتمعات والفكر العدائي وقوة المنصات الإعلامية المعادية بقوة ناعمة تعتمد على فكر علمي وسياسي واجتماعي، وتسخير منصات إعلامية مؤثرة بكفاءات وطنية، أصحاب فكر ومنطق علمي مبني على أسس من الحقائق الصحية واللفظ السليم والتوعية المضادة للأكاذيب والتحدث عن حقائق صحيحة. وهذه القوة الناعمة هي قوة المنطق والإقناع الحقيقي والدخول في تفاصيل الحقائق وتحليلها بعيداً كل البعد عن الهجوم والتطاول والتلويح لاستخدام القوة الحربية أوالعسكرية، وهذه القوة لابد لها أن تستخدم كل وسائل الفكر والاطلاع الجماهيري الوطني والعالمي من استخدام الإعلام الرسمي والإعلام الموازي. كالمنصات الحديثة الأوسع انتشاراً بالمجتمع مثل تويتر والسناب شات والمنصات الحكومية المستقلة لكل الأجهزة الحكومية، كالمنصات الأمنية والصحية والتجارية، وسرد الحقائق بالأدلة بطريقة تعتمد على الحقائق المجردة واستخدام أدلة وحقائق للإعلام العالمي، وتصريحات القيادات السعودية والدولية الموثوق بها في خدمة السلام وعدم الجر بالحقائق المحرمة مدسوسة في أنواع الإعلام المختلفة. وهذه القوة الناعمة في السياسة السعودية انفردت بها المملكة العربية السعودية منذ بدايتها، ومنذ عهدلمؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، مروراً بأبنائه البررة من ملوك المملكة -رحمهم الله -. وصولاً لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- وولي عهده سمو الأمير محمد بن سلمان، بقوة الرد في منتهى العقلانية والإقناع وعدم الاستفزاز أواستخدام أي عبارات مسيئة أو عدائية، بل استخدام قوة الحق والمنطق والمعلومة الصحيحة، وهذه يعرفها كل سياسي وكل إعلامي ومسؤول بالمملكة عن نوعية هذه القوة الناعمة التي لا تعتمد على استخدام الأبواق والأحداث والتهديدات حيث إن صاحب الحق والعقل والمنطق يستطيع إيصال قوته وسياسته للعالم بأسره بهدوء ومنطق وحقائق علمية وسياسية واجتماعية تكون أبلغ للعقل وأسرع للوصول وأقوى من الأسلحة الفتاكة، لأنها تعتمد على سلاح الفكر والعقل واحترام الرأي والرأي المعاكس وتوجيهها جميعاً للمسار الفكري الصحيح وتوأمة الحقائق وتفنيد الدس والحقد. وهنا قمة السياسة العالمية والسياسة بالمملكة العربية السعودية، وهذا لا يعني عجز المملكة عن استخدام قواها العسكرية المشهود لها بإمكانياتها ولكن تستبدلها باستخدام القوة الناعمة التي ذكرناها قبل كل أمر، وهذا ماورد في القرآن الكريم من أوامر الله لرسوله الكريم باستخدام الحجة أولاً والدعوة والفكر لأن قوة العقل والمنطق تعلو ولا يعلى عليها.
والله من وراء القصد.