شريفة الشملان
في الأسبوع الماضي تكلمت عن عدة مواضيع برزت مع الجائحة:
العنصرية بأنواعها مذهبية ومناطقية ودولية أيضاً، فحتى الدول التي ترفع شعارات حقوق الإنسان راحت تتحدث عنها بلا حياء.
وبرزت مشكلة العمالة وما أصابها وما جاء بسبب تكدسها وهي ليست مشكلتها إنما تعددت أسباب المشكلة.
تطرقت للبدون الذين شكلوا نسباً كبيرة في المجتمع الخليجي، قد لا تكون دولتنا تأثرت كثيراً نظراً لكثرة عدد السكان وكبر الحجم، لكن كان لدينا مشكلة من جاء ولم يغادر أو التجأ وطال مكوثه فاستوطن وتوالد، فكانت جالية كبيرة بدخل قليل وسكن قد يكون غير لائق. وكبرت بعض الجاليات جداً فسببت ضغطاً كبيراً على الأمن والصحة جداً مع الجائحة خاصة في مدننا المقدسة.
قرأنا في الجغرافيا أن هناك دولاً طاردة ودولاً جاذبة فكانت بلدان الخليج جاذبة مع قلة السكان بعضها. تواجد الكثيرون من دول معروفة وأغلبهم الهنود في دولنا ولا بأس كان لتجارنا رحلات للهند، لكنهم تجار يحملون البضائع ويعودون ببضائع. وتجار نجد والخليج أكثرهم فإذا أضفنا البصرة سنتخيل شكل المراكب وهي تبحر وتعود صورة جميلة لعهد ما زلنا نفتخر به بينما من جاءوا ولم يعدوا لديارهم هؤلاء المستوطنون كونوا عبئاً على دول الخليج وعلاقات تتذبذب مع حكومتهم.
والمشكلة ليست فقط في أن دولاً ترفض استقبال رعاياها ولا في دول خطر على رعاياها أن عادوا. لكن هناك مشكلة ولا هي مشكلة لو تم التصرف بحكمة في ذلك الأمر منذ البداية.
قلت دولا جاذبة، الخليج بما حباه الله بنعمة زادت مع البترول تدفق والخير طال دول الجوار وما بعد من عرب وغير عرب دول تخشاها الخليج ودول تبذل لها ودول تدفع عنها بلاها. وكل ذاك أمر طبيعي وتعمل به كل الدول.
(البدون) لم يأتوا من فراغ ولا هم فقع ولدته تربة الخليج، إنهم من المنطقة من البادية أو من العراق أو أناس لم يهتموا بالتسجيل في بدايات التسجيل ولم يثبتوا أماكن سكن، كل هذا وغيره ما نعرفه وما غاب عنا، بعضهم تنتهي أسماؤهم بأسماء قبائل معروفة ولم تنكرهم قبائلهم والتي تسكن في دول الخليج قاطبة.
تربوا وتوالدوا ودرسوا، كبر العدد وصاروا مكوناً معروفاً في دول الخليج، وخاصة الكويت والإمارات تداخلوا وتزوجوا من المواطنين والمواطنات، وقد يكونون من قبيلة واحدة وربما أسرة واحدة.
إذاً نحن أمام أناس قريبين جداً، لغة وثقافة وتاريخاً. إن فكرنا سواء في الأصل الذي هو القبيلة، أو المكان وهو على الأغلب من دول الجوار والصحراء التي تمتد بين بلداننا مصدرهم. الوقت قد فات على أن يقلل منهم أو يرفضهم. فهم مكون أولاً، ونضيف لذلك أن الشباب منهم تعلم، بل إن هناك شبابا مكسبا كثيرا للدول الخليجية التي يتواجدون فيها، فمنهم الأطباء والمهندسون والمهنيون من خريجي الجامعات، والذين درسوا وتعلموا في هذه الدول، ولعلنا نعد شيئاً طيباً لهم هو صمودهم في الكويت عندما كانت تلك الأزمة التي عصفت بالأمة العربية من دخول العراق للكويت. الكويتيون ذوو الأوراق كل وجد له مكانا وأهلا إلا هم صمدوا في البلد.
في بداية الجائحة خرج شباب رجال ونساء أطباء يتبرعون بالمساعدة ونشروا ذلك على صفحات الفيس بوك والتويتر، ولم يقبلوا!! كما لم تنف أي جهة رسمية الخبر. بمعنى أن هناك مهنيين تحتاج إليهم بلدان الخليج العربي، وهذه الحاجة تدعو لاستقطابهم أفضل من التعاقد مع أطباء أو ذوي مهن أخرى من الخارج، وكم سيكلف الدول الخليجية من تذاكر وسفر وعودة، ناهيك من عدم ضمان بقائهم.
من المؤكد أن لحكومات الخليج أسبابها، ولكن مع ما تفتق لنا مع الجائحة ظهرت أشياء كثيرة وكأنها كانت مغطاة فكشفتها رياح الجائحة.
سؤال يلف في صدري: كيف وجد نازحو الخليج من يكرم مثواهم ومن ثم يحصلون على جنسية خليجية عربية، وهم مختلفو السحنة واللغة، ولا يجد نازحو البر ذلك؟
وكل عام وأنتم بخير، وألقاكم -بإذن الله- في الأسبوع القادم حيث العشر الأواخر من رمضان، كتبنا الله من المقبولين ولنا جميعاً العافية والسلامة.