د. محمد بن إبراهيم الملحم
المختبرات في المدارس أساس لفهم العلوم لغة العصر والتقدم والتقنية والنمو والازدهار الاقتصادي، ولكي تتوفر إمكانية تجهيز هذه المختبرات بشكل متماه مع المناهج فيجب أن نضمن ثبات هذه المناهج، وهذا ما تشكو منه مقرراتنا، ومع ذلك تظل موضوعات العلوم مثلا متسمة بدرجة عالية من الثبات كموضوعات، ومع تحركها بين مقرر ومقرر فإن تجهيز المختبر بتلك الموضوعات يعني أنه سيظل قابلا للاستخدام، ولكن مشكلتنا أن التجهيز متفاوت من مدرسة إلى مدرسة ومن منطقة لأخرى، وهناك «الدليل الشامل للمختبرات» والذي يحصر ما يفترض توفره للمدرسة، فلا تجد لمحتوياته وجودا وحيوية سوى في النماذج الجديدة من المدارس، ومع ذلك فإن نسبة توفر ما يسرده الدليل لا تصل بالضرورة إلى مائة بالمائة وأحيانا تكون 60 الى 70% وهذه ليست إحصائيات ولكنها تقديرات من واقع مشاهدة وربما بالغت فيها لأقترب من الواقعية، وعموما فإن تقييم الأمر برمته هنا يقوم على ما ألفناه جميعا حول الموضوع ومشاهداتنا الشائعة فهي كلها تدور حول هذا الحمى، ولن أتكلم طبعا عن المدارس الصغيرة أو النائية أوحتى بعض المدارس الأهلية التجارية، وهناك بعد آخر أراه مهما في تجهيز المختبرات فإن بعض النماذج التقليدية تكون جلسة الطالب فيها غير مريحة وتوزيع الطاولات غير مدروس، كما أن غياب بعض التفاصيل البسيطة مثل ستائر النوافذ أو كفاية توصيلات الكهرباء أو الغاز يحد من تنفيذ كم كبير من التجارب المهمة أو تفعيل مشاركة جميع الطلاب، أشير أيضا إلى أن اختيار بعض الألوان غير المريحة ووجود دوي الصوت بسبب كبر حجم المختبر هي تفاصيل أخرى مهمة لجذب الطالب وراحته عندما يحضر درس المختبر وهي جوانب لم يهتم بها التصميم مع الأسف.
المشكلة الأخرى في المختبرات «المجهزة» هي سوء التنظيم، فالمعلم المستجد يجد نفسه أمام كم هائل من الأدوات والمواد ولا يعرف أين يجد ما يريد، وحتى عند البحث في الأدلة أو الشروحات يعثر على تسميات قديمة للأدوات أو الأجهزة، وهذه إما أنها لم تعد هي المستخدمة في المنهج الحالي (مع أن الأداة هي نفسها) أو أنها مسميات تجارية أو مستخدمة في مناهج أخرى في الدولة المصنعة أو جهة الترجمة، والطامة الكبرى تتعاظم عندما يتوفر في المدرسة محضر مختبر ولكنما غالب وقته هو خارج المختبر فهو إما في سوالف مع بقية الموظفين أو أنه لا يلقي بالا للتنظيم والترتيب إلا بالحد الأدنى الذي لا يفتح عليه بابا للوم من مشرف مفاجئ أو مدير لديه بعض الحرص، أما إن كان هؤلاء على شاكلته في الاهتمام بشيء يسميه بعض «المعقدين» بالتنظيم فالأمرسيكون تحصيل حاصل، وليس هذا شأن الجميع فهناك مخلصون كثر، ولكنها مشاهدات لها واقع وهي تضيف إلى معادلة المختبرات بعدا مهما لا يمكن إغفاله. إن وعي الإدارة المدرسية بأهمية تفعيل المختبرات ودورها في التعلم وضرورة جردها وحسن المحافظة على موجوداتها وحسن تنظيمها وتصنيفها هو أهم قضية تواجه هذه الموارد المهمة، ولذلك فلا عجب أن تجد مختبرا مجهزا بشكل جيد تتناقص جودته ويقل بهاؤه مع تقدم السنين بل حتى إن بعض مواده الأساسية تتلف بسبب سوء التخزين وتحتاج إلى التخلص منها (كالمواد الكيميائية) وهي لما تفتح أغطيتها بعد! لم يمر علي في الدورات التدريبية التي تقدم لقائد المدرسة شيء من «التثقيف» حول هذه الجوانب، كما إن المشرفين التربويين المتخصصين في الإدارة المدرسية ليست المختبرات على قائمة أولوياتهم سواء من حيث تجهيزها أو تنظيمها أو تفعيلها، وثقافتهم هم أيضا متواضعة في هذا الجانب، فالإدارات التعليمية لا تعقد لهم ورش متخصصة في هذا المجال ولا تولي الوزارة في مناهجها التدريبية هذا الأمر عنايتها.وللحديث بقية، تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.