إيمان حمود الشمري
عندما يزدهر الإعلام على شاشة العرب يقدم لنا نماذج بمقاييس مختلفة لم نعتد عليها رغم دقتها، مقاييس لا تخضع لمعايير مادية، مقاييس تخرق العادة بالحكم على الأشخاص وتعطينا الوزن الحقيقي للشخص. لذا لا تستغرب عندما تجد شخصاً ثرياً مرتبكاً ومهزوزاً، لأن بين الثراء وضعف الثقة بالنفس علاقة مشبوهة تثير التساؤل، وتثبت أن الثقة بالنفس تربية وليست مجرد حفنة دولارات.
برنامج (اللقاء) ثوب أنيق بتصميم سعودي يطل علينا كل مساء ليقدم لنا نموذجاً راقياً يُحتذى به، يجعلك تدمن النجاح وتفتش عن أحلامك القديمة وتنبش أفكارك وتعيد هيكلة أولوياتك بالحياة، وتحدد تاريخ ميلادك الحقيقي ليس بشهادة ميلادك وإنما بما تم إنجازه. برنامج قدمه شخص له نصيب كبير من اسمه (مفيد النويصر) وعكس معنى هذا الاسم حتى على محتواه الهادف.
هو لا يُعتبر برنامج سرد لسيرة ذاتية فقط وإنما يقدم لنا جرعة حوافز في كؤوس ثمينة لا تقدم إلا للأشخاص المميزين الذين يقدرون ثمنها وقيمتها لذا هم يستحقونها. لأول مرة أشاهد الطبقية بمقياسها الحقيقي! فمن هنا يقاس الثراء والفقر!! في العقول والإنجاز والنجاحات لا في الجيوب، فاللافت في البرنامج هو التركيز على شخصيات تميزت بالمهنة والعلم لأن التميز ليس فقط بالمال وجمع الثروات. يقول غارث بروكس: (لست غنياً إلا إذا كنت تملك شيئاً لا يمكن شراؤه بالمال).
في كل حلقة تخرج بدرس، وكل الذين تم استضافتهم يستحقون شهادة تقدير للذات. تعلمت من حلقة الظل التابع عبدالعزيز الفغم حماسه وشغفه بعمله وإخلاصه وتفانيه فيه حتى أصبح علمًا يرتبط اسمه باسم الملوك بأفعال لا بأقوال. وعلمني عثمان طه مدون المصحف في عهد الملك فهد - رحمه الله - أن المهارات لا ترتبط بسن معين حيث إنه فوق الثمانين ولم يفقد مهارته بالخط. علمني محمد آل زلفة أنك مهما ارتفعت وكبرت وتعلمت لا تنسى أهلك كما قالت له والدته قبل السفر للدراسة بالخارج، وعلمني دكتور مجدي يعقوب أن الطب إنسانية لا تجارة فمن يريد أن يتاجر يذهب للتجارة لا لأرواح الناس لأنه يقدّر أرواح الناس واحتياجهم له، لذا هو يعالج إنسانًا مريضًا لا مرض في الإنسان. وتعلمت من العقاد أن الشهادة غير الفكر لذا استطاع هو أن يكون نابغة عصره رغم تعليمه البسيط لأن البساطة بالفكر لا بالأوراق، وليس مهماً أن تنجب لتترك أثراً لأن الأثر بالعمل لا بالذرية فقط.
وكل يوم يمر نتعلم شيئاً جديداً من سير أشخاص مؤثرة وملهمة، وبودي لو حزمت أمتعتي سريعاً في نهاية كل حلقة لأذهب إلى الغد إلى (اللقاء) حيث يلتقي الفكر والعلم والتميز، فإلى اللقاء غداً مع شخصية جديدة ودرس جديد، ففي الغد شيء مميز في انتظارك، ثلاثون أداة تربوية سوف نجمعها في نهاية هذا الشهر الكريم.