عبدالعزيز مهدي العبار
تتساءل الأمهات المرضعات في هذا الوقت الشحيح عن المعلومات الطبية الدقيقة حول ما إذا كان فيروس كورونا المستجد كوفد-19 ينتقل من الأم المصابة للطفل عبر الرضاعة الطبيعية.
والرد على هذه التساؤلات في هذا الوقت بالذات يحتمل إجابتين: الأولى لا تؤكد عدم إصابة الرضيع بالفيروس لأسباب عديدة، منها عدم وجود دليل علمي موثوق يثبت ذلك. والثانية قد تؤكد أن الفيروسات التاجية لا تنتقل من الأم للطفل عبر الرضاعة الطبيعية.
الإجابة الأولى لا يوجد دليل علمي حتى الآن يثبت صحتها بعدم انتقال فيروس كورونا بالذات من الأم المصابة إلى الطفل عبر الرضاعة الطبيعية؛ وذلك بسبب أن الفيروس المستجد يفتقر للدراسات والأبحاث العلمية حتى تكون مرجعًا علميًّا يمكن الأخذ به. ومن أهم هذه الدراسات دراسة التعرض المعروفة أيضًا بالدراسة الحشدية أو دراسة الأتراب، واسمها العلمي cohort studies، وهي دراسات مستقبلية، قد تصل مدتها في الغالب إلى مدة الرضاعة الطبيعية، وهي 24 شهرًا كاملاً، وقد لا يُكتفى فقط بالأشهر الأولى من الرضاعة لكي يتم تأكيد فرضية الإصابة أو رفضها بشكل يقطع الشك بالتدليل في كل مراحل الرضاعة.
بعض هذه الدراسات قد بدأت مؤخرًا في شهر إبريل 2020، وبعد أن أعلنت منظمة الصحة العالمية أن كورونا أصبح وباء سريع الانتشار بدأ المهتمون في هذا المجال بطلب الدعم المادي واللوجستي لتحقيق أفضل النتائج. ولكي يتم الانتهاء من مثل هذه الأبحاث والدراسات السريرية، ونشرها بشكل علمي دقيق ومحكم، تحتاج إلى الوقت الكافي والجهد ووجود تاريخ مسجل ومعروف لهذا الفيروس المستجد؛ لذلك يشك البعض في أن الإجابة الأولى ستكون متوافرة في الوقت الحالي.
أما بالنسبة للإجابة الثانية فهي ترجح أن الأم المرضعة لا تنقل فيروس كورونا لطفلها الرضيع عبر الرضاعة الطبيعية؛ وذلك بالاستناد إلى الدراسات والأبحاث والأدلة العلمية المنشورة سابقًا في فيروسات أخرى من العائلة التاجية نفسها. على سبيل المثال الإنفلونزا؛ فقد ثبت علميًّا أنها لا تنتقل من الأم المصابة إلى الطفل الرضيع عبر حليب الأم، بل تؤكد أن الحليب يحتوي على أجسام مضادة للفيروس، وقد تكون بمنزلة لقاح للطفل، ويخلق مناعة طبيعية للرضيع من الإنفلونزا خلال الشهر الستة الأولى، ولكن هناك اشتراطات، منها أنه يجب على الأم لبس الكمامة بشكل دائم حتى زوال الأعراض بشكل تام؛ لكي لا ينتقل الفيروس منها للطفل عبر العطاس أو الكحة وعبر الرذاذ، وعدم ملامسة الطفل بشكل مباشر دون تعقيم اليدين، وأن تكون الرضاعة عبر جهاز شفط الحليب بشكل معقم وآمن لصحة الطفل.
الخلاصة: الإجابتان معًا لا تؤكدان إصابة الطفل الرضيع عبر الرضاعة الطبيعية؛ وذلك لعدم توافر الأدلة العلمية الكافية في هذا الخصوص. ويمكن القول إن حليب الأم قد يصبح الأكثر طلبًا والأغلى ثمنا في العالم إذا أثبتت الدراسات العلمية أنه لقاح لكورونا المستجد. والأيام قد تثبت ذلك قريبًا.