بين سطور سورة هود استوقفني قول الله تعالى: {يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا}.
مما جعلني أبحث عن تفسيرها الواضح الجلي، الذي يحكي قصة في مشهد لم يتكرر عبر التاريخ إلاّ مرة واحده بهذه الضخامة والهول والجسامة، مشهد تتفجَّر فيه الأرض عيوناً وتتشقّق فيه السماء بالماء ويلتقي فيه الماء على أمر قد قدر، ويحمل ذلك الرجل الصالح نبي الله نوح عليه السلام من آمن معه في سفينة النجاة وهي تتهادى بهم في موج كالجبال ويؤمل من فيها النجاة، ويستيقنوا الهلاك لمن كان خارجها.
تتحرَّك عاطفة الأبُوَّة تجاه ابنٍ لا يسمع نصحًا، ولا يقبل توجيهًا، ولا يستجيب لإغراء، وينادي الأب ابنَه في لهفة {يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا}..
{يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا}: يقولُها كل مُرب مشفق على من تحت يده، ويصيح بها كل راع يخشى على رعيته أن تُجتال دونه.
{يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا}
هل كانت نصب أعيننا؟
حين نريد التخلّص من إزعاج أطفالنا فنرمي بهم في أحضان التكنولوجيا، لنسكت بكاءهم، بجهاز جوال نسلِّمه بين أيديهم.
هل تأملنا هذه الآية حين نكافئ طفلاً في الأول الابتدائي بجهاز جوال أو آيباد دون أن نضع ميثاقاً في استخدامه، غير مدركين لما قد تحتوى عليه من مخاطر وآثار على تربيتهم وتنشئتهم وسلوكياتهم.
مما لاشك فيه التقنية ومواقع التواصل الاجتماعي مفيدة ولكنها محفوفة بالمخاطر، لذا على الأهل متابعة أبنائهم وغرس الرقابة الذاتية، فالطفل بحسه الفضولي قد يتجاوز حدوده دون قصد، بالإضافة لما يشاهده ويستمع إليه عبر وسائل التواصل المختلفة أصبح يساهم في تكوين سلوكياته، فبعض المشاهد العنيفة التي يراها الطفل تؤدي إلى نمو شخصية عنيفة وعدوانية أو طفل انطوائي في عزلة عن مجتمعه، كذلك يتعلَّم بعض القيم والأخلاقيات الخاطئة التي تنافي ديننا الحنيف.
وعلينا احتواء أبنائنا وتوجيههم التوجيه السليم وتنظيم وقتهم ومواعيدهم في استخدام التكنولوجيا بحذر ورقابة.
وحملهم في سفينة النجاة التي هي حلم كل مصلح وغاية كل راع.