بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يوافق اليوم الثالث من شهر مايو، ويوم الصحافة البحرينية الذي يوافق السابع من الشهر نفسه، أعلن فريق متحف المنامة الرقمي «حكاية المنامة» عن إصدار فيلم وثائقي خاص تحت عنوان «محمود المردي عرَّاب الصحافة البحرينية».
وحول ذلك، قال رئيس فريق عمل ومؤسس «حكاية المنامة» فاضل آل شرف إن «توثيق سيرة الراحل محمود المردي يمثِّل جانباً مهماً من تاريخ الصحافة البحرينية، والتي تعتبر مصدر إشعاع ثقافياً على مستوى الخليج العربي، وتمثِّل تاريخًا يجب الاحتفاء به، خاصة مع الأخذ بالاعتبار التحديات التي واجهت عرَّاب الصحافة المردي طوال مسيرته»، موضحًا أن «متحف المنامة الرقمي» يعنى بتوثيق سير أهالي المنامة بصفتهم جزءاً من التاريخ المعاصر، والتركيز على إجراء المقابلات مع الشخصيات الرائدة في المجتمع البحريني، لتكون مصدراً مباشرًا للمعلومة، بحيث يمكن للأجيال الجديدة والقادمة الوصول إليها بسهولة، في إطار تعزيز الترابط والتلاحم المجتمعي، والحفاظ على أصالة وتاريخ العاصمة، وتسليط الضوء على هذه المدينة ذات العمق التاريخي».
وفيما يتعلَّق باختيار شخصية محمود المردي تحديدًا للفيلم الوثائقي، أوضح آل شرف أن تاريخ الصحافة في البحرين يشير إلى أن المرحوم عبدالله الزايد هو مؤسس أول صحيفة، وأن الراحل المردي هو العرَّاب الذي تطورت التجربة البحرينية على يديه، مشيرًا إلى أن تفاصيل نشأة المردي في فريج الفاضل بالمنامة، والظروف القاسية التي عاش فيها والتي تغلّب عليها بعصاميته، جعلت منه علمًا من أعلام الصحافة ليس على مستوى البحرين فحسب، بل على مستوى الخليج العربي، وهو أمر يدعو للفخر والاعتزاز ويستحق الاهتمام وتسليط الضوء على هذه الشخصية المهمة، معربًا عن أمله في آن يحظى بأصداء إيجابية في الأوساط الصحافية ولدى المهتمين بالشأن التاريخي، وموجهًا الشكر الجزيل لكل من ساهم في إنتاج الفيلم الذي تولى إدارة تصويره السيد محمد المخرق.
من جانبها، قالت عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين وعضو فريق حكاية المنامة سارة نجيب إن أهمية تصوير هذا الفيلم الوثائقي تكمن في أهمية شخصية محمود المردي في تاريخ الإعلام الحديث في البحرين. إذ يصبح تدوين التاريخ مهماً لحفظ التراث الإعلامي للأجيال القادمة.
وأشارت نجيب إلى أن تصوير الفيلم اعتمد أساساً على المحتوى التاريخي والأرشيفي بالإضافة للمقابلات، حيث تم اللجوء في إنتاج الفيلم على مقابلة نشرت في تلفزيون البحرين للراحل محمود المردي ببرنامج ساعة مع الذكريات، بالإضافة إلى لقاءات مع كل من رئيس تحرير صحيفة البلاد البحرينية السيد مؤنس المردي (ابنه)، والكاتب الصحفي السيد إبراهيم بشمي، والصحفي بجريدة أخبار الخليج السيد محمد حكيم، بالإضافة إلى المعلومات التي قام بجمعها فريق العمل وفقاً للمستندات التاريخية والمطبوعات، منوهة بأن حكاية المنامة مشروع تطوعي أهلي يتمحور نشاطه حول المنامة عاصمة البحرين وعمقها التاريخي والتجاري.
لمحة عن حياة الراحل محمود المردي
من قلب المنامة.. علم الصحافة محمود المردي يرفرف في تاريخ البحرين ولد الراحل محمود المردي في فريج الفاضل بالمنامة، كانت نشأته في أسرة فقيرة عاشت على الكفاف، وقد فقد والدته في عمر مبكر، تلقى تعليمه في المدرسة «الشرقية»، والتي كانت تقتصر الدراسة فيها على المرحلة الابتدائية آنذاك.
اهتم المردي في بداية شبابه بالمسرح، وكانت له العديد من المساهمات المسرحية كممثّل ومخرج على خشبة النادي الأهلي، وكان عمله الأساسي في القطاع المصرفي، وتحديدًا بالبنك البريطاني، وقد انتقل للعمل من فرع البحرين إلى فرع الخبر بالبنك نفسه بالمملكة العربية السعودية.
تزوج المردي من ابنة المرحوم إبراهيم أحمدي، وله 4 من الأبناء والبنات، وهم كل من المرحومة مواهب، رائد، رولا، ومؤنس.
بدأت علاقة المردي بالصحافة من خلال مجلة «صوت البحرين» التي صدرت في أغسطس 1950 وتوقفت بعد 4 سنوات من صدورها، وكان له دور بارز في إصدار صحيفة «القافلة» مع مجموعة من المثقفين البحرينيين في نوفمبر 1952م.
وساهم الراحل محمود المردي في إصدار صحيفة «الوطن» والتي تعتبر امتدادًا للقافلة، والتي تولى رئاسة تحريرها بالتعاون مع علي سيار، وقد صدرت في يونيو 1955 واستمرت لغاية يونيو 1956م.
وفي يوم الجمعة الموافق 24 أغسطس 1956 أصدر محمود المردي صحيفة «الشعلة» ليوم واحد فقط وتمت طباعة 200 نسخة وتوزيعها في الأسواق، ثم سحبت خلال ساعة واحدة، وبيعت منها 7 نسخ فقط، وقد استطاع ابنه السيد مؤنس المردي اقتناء النسخة الوحيدة قبل حوالي سنتين من أحد المزادات.
وفي سبتمبر 1965 أصدر المردي صحيفة «الأضواء» الأسبوعية، والتي اهتمت بمعالجة القضايا المحلية والخليجية والعربية، واستمرت حتى يوليو 1993، في حين تعتبر أضواء الخليج أول محاولة للمردي لإصدار صحيفة يومية، وقد بدأ إصدارها في نوفمبر 1969 إلا أنها توقفت بعد 6 أشهر، وكانت تصدر خمسة أيام في الأسبوع.
وفي الأول من فبراير 1976 تحقق حلم المردي بتأسيس «أخبار الخليج» أول وأقدم صحيفة يومية سياسية جامعة، وبعد عامين وتحديدًا في مارس 1978 أصدر صحيفة غلف ديلي نيوز وهي أول صحيفة إنجليزية يومية في البحرين.
توفي الراحل محمود المردي في يوم الجمعة الموافق 20 أبريل 1979، وقد وافته المنية في مكتبه بعد أن كتب مقاله الأخير الذي كان ينشره كل يوم سبت تحت عنوان «في أمان الله».