عبدالعزيز السماري
دائماً ما تحضر نظرية المؤامرة في الأحداث، ومن أول التاريخ حضرت ومازالت تحضر بكامل زينتها في الأحداث الجسام، ولها أنصارها ومروجوها، ولها أيضاً أضداد، لا يقبلون حتى فكرة أن المصالح قد تتحرك خلف الأحداث، وهي من طبائع البشر، فالحروب لها منافع عند فئة من المجتمع، كذلك الأوبئة هناك من يستفيد من أهوالها.
قامت جوجل واليوتيوب بأدوار مختلفة في زمن الكورونا، وقامت بحذف قناة دافيد إيك المنظر للمؤامرة، وذلك حين قدّم لاعب كرة القدم السابق ادعاءات غير مثبتة ومثيرة للجدل حول الفيروس على العديد من منصات الإنترنت، بما في ذلك أنه مرتبط بشبكة المحمول 5G، وتم حذف قناته، وحذفت أيضاً أي فيديوهات تشكك في أرقام الوفيات في أمريكا أو الغرب.
ولعل ذلك ما يجعل الأمر محفوفاً بأفكار التآمر، فالحذف يعني الخوف من أمر ما، ويناقض فكرة حرية التعبير الغربية، لكن مع ذلك لم تتوقف هذه النظريات، كان آخرها شريحة بيل جيتس، ولقاحه الأشهر، والخطة للتحكم بصحة البشر من خلال شرائح تُزرع تحت الجلد، ولا أعلم من أين جاءت هذه الأفكار، لكن هناك من يروجها في مختلف المواقع.
كان أهم محفزات نظرية المؤامرة، ما حدث في الصين، والتي بدأ فيها الوباء، لكنه توقف فجأة عند حوالي 83000 إصابة، وحوالي 4000 وفاة، وعادت الحياة إلى طبيعتها في وقت أسرع، وتواردت الأخبار أن الصينيين توقفوا عن الفحص في الداخل، واكتفوا بهذه الأرقام.
كذلك أثار علامات الاستفهام بحث صيني تحدث عن ارتفاع نسب الفحص الزائفة في فحص الكورونا المتداول، والذي رفضت الهند تطبيقاته، وشككت بنجلاديش في نتائجه، وربما ساهم ذلك في ارتفاع أرقام الإصابات والوفيات في مختلف أنحاء العالم.
بينما مازال الغرب مستمراً في رصد آلاف الوفيات يومياً، رغم كثرة الأدلة بأن نسبة غير قليلة لم يكن سبب الوفاة فيها فيروس كورونا، وكأنهم يحضرون لأمر ما في محكمة أعلى، وهو ما يردده الرئيس الأمريكي دوماً في خطاباته بأن الصين مسؤولة عن انتشار الوباء.
أثار مسؤول الجنائز في نيويورك زوبعة إعلامية، عندما تداخل وقال بالحرف إن جميع شهادات الوفيات تتضمن أن كورونا كان سبب الوفاة، سواء كان الفحص إيجابياً أو غير موجود، وأضاف أن السبب تعويضات المستشفيات التي ترتفع إذا كانت الوفاة سببها كورونا.
بينما لا توجد آثار عميقة للوباء في إفريقيا وآسيا، وهو ما يطرح أكثر من تساؤل في الوباء الأكثر غموضاً في التاريخ، وليس لنا إلا الانتظار، فقد تعددت الأخبار وتناقضت الروايات، وزاد عدد الذين يؤمنون بنظرية المؤامرة، بعدما فُتحت أبوابها على مصراعيها، وبدأت الأقاويل تأخذ طريقها إلى العقول.
ومع ذلك لا يمكن أن يكون وباء كورونا مؤامرة، فهو وباء فيروسي اتخذ مسارًا مختلفًا عن بقية الأوبئة السنوية مثل الإنفلونزا، ويدل على ذلك توقف حركة العالم، وتدهور الاقتصاد العالمي، ومن علاماته المدهشة أن ضحاياه كانوا في أكثر دول العالم تقدمًا في العناية الصحية.