د. محمد عبدالله العوين
كاشف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- شعبه في خطاب تاريخي أبوي حان مع بداية تفشي كورونا وقال: (إننا نواجه وضعا صعبا، وسيزداد صعوبة في المستقبل) وحدث ما توقعه الملك سلمان فأوقع كورونا باقتصاديات العالم كله في حالة من الركود المريع ربما وصل في بعض الدول إلى الكساد، وشبه هذه الحالة الاقتصادية الصعبة أحد المختصين بما حدث في أمريكا والعالم بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى 1918م والسنوات التي تلتها، تلك التي عرفت بـ(الكساد الكبير)..
واجهت القيادة الرشيدة جائحة كورونا بحزم وعزم ورؤية واضحة، ففتحت الخزينة وأنفقت على الصحة مئات المليارات، وأبرمت عقدا ضخما مع الحكومة الصينية للفحص الشامل قد يغطي عشرة ملايين مواطن قابلا للزيادة، مع خدمات صحية وعلمية أخرى.
وأنشأت وزارة الصحة مستشفيات عاجلة أضافت آلاف الأسرة، وكونت مئات الفرق الطبية للمسح النشط، ورعت الدولة مواطنيها العالقين في كل دول العالم؛ فأسكنتهم بأفخم الفنادق ثم تكفلت بنقلهم إلى الوطن وتسكينهم أيام الحجر الصحي وفحصهم، وتكفلت بعلاج المصابين من أبناء الوطن والمقيمين نظاميا والمخالفين منهم أيضا بروح إنسانية سامية.
عطل كورونا الحياة الاقتصادية على مستوى العالم، وكان سببا في انهيار سعر البترول وفي المقابل ضخامة كبيرة جدا في الإنفاق لمكافحة الجائحة، وواجهت قيادة هذا الوطن فيروس كورونا بقرارات حكيمة متدرجة راعت فيها التوازن بين مصالح المواطنين وحركة الاقتصاد وأداء الدوائر الحكومية واستمرار عملية التعليم عن بعد، وأنفقت المال بسخاء في سبيل الحفاظ على صحة المواطن تحت شعار (المواطن أولا).
مرت بنا أزمات عدة وتجاوزناها بفضل الله، ثم بحنكة وخبرة قيادة وطننا العزيز، فلا يمكن أن ننسى أن سعر البترول تراجع إلى 8 دولارات 1406، ثم مر بحالة تراجع تزامنت مع تكاليف حرب الخليج الثانية 1412 مما دعا إلى شد الحزام، ولكن تلك الأزمة فرجت ووصل سعر البترول إلى 120 دولارا.
ليس جديدا على أبناء المملكة ما أبدوه من مشاعر الامتنان والشكر للقيادة الحكيمة وهم يتابعون خطة مواجهة هذه الجائحة، وفي الوقت نفسه يوازنون ذلك بمواقف بعض الدول الأوربية التي تؤجر أجهزة التنفس على منومين في العناية الفائقة بمبلغ 500 يورو لليوم الواحد، أو تلك الدولة التي تنقل مواطنيها العالقين؛ لكنها تخصم قيمة التذكرة لاحقا من دخولهم.
الأزمة عالمية؛ ليست محلية ولا خاصة بدولة دون دولة، فالكساد يضرب اقتصاد أكبر الدول وأعظمها، والمملكة جزء من هذا العالم المتضرر، وكما نعم أبناء هذا الوطن بالرفاهية في سنوات الرخاء والوفرة سيكون موقفهم مع دولتهم موقف الوفاء والنبل ورد الجميل، وستتشابك الأيدي معا لعبور تداعيات كورونا وتراجع أسعار النفط الذي لا يخضع - كما هو معلوم - لسعر معين، بل لمواقف سياسية وعرض وطلب.
السعوديون آمنون في وطنهم، مطمئنون إلى حكمة قيادتهم، داعمون لها، واثقون في حنكة وتجربة الملك سلمان ورؤية وطموح سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وستمر الأزمة وتعدي بسلام إن شاء الله.