د. عبدالرحمن الشلاش
في شهر رمضان المبارك أصعب ساعة في أي يوم من أيامه الفضيلة الساعة التي تسبق لحظة الإفطار وفي رمضان هذا العام بسبب كورونا صارت آخر ساعة الخامسة مساءً. في هذه الساعة يحدث كل شيء ويقع ما لم يكن في الحسبان.
سيكون حظك سيئاً إن كنت خارج المنزل في هذه الساعة الخطرة جدًا وبالذات في المدن المزدحمة إلا إذا كنت من الذين يتمتعون بسعة الصدر ورباطة الجأش والقدرة الفائقة على تجاوز المواقف الصعبة والمهارة في تطنيش الحركات الغريبة من بعض النفسيات العجيبة غير المحتملة في الأيام العادية أيام الرخاء والبطون ممتلئة والأفواه رطبة ناهيك أن تتحمَّلها تحت وطأة الجوع والعطش. إن كنت نفسية لا تتحمّل حتى نفسك أو عصبياً إلى الحد الذي يجعلك تقطع في شعرك وتمزّق في ثيابك فأولى لك أن تبقى في منزلك إلى ما بعد الإفطار وهو الحل الأمثل لكثيرين قلوبهم ضعيفة وأجسامهم مترهلة أو نحيلة لا تقوى على الالتحام بالبلدوزرات البشرية من أصحاب الأجسام المفتولة والعقول الصغيرة وهم من يبحثون عن أي شيء ليخلقوا منه مشكلة تنتهي بمأساة يكون ضحيتها واحداً من ذوي القدرات المحدودة جنى عليه لسانه حين قذف بكلمة بذيئة تحت وطأة ضغوطهم فكان جزاؤه إفطاراً جماعياً قبل الإفطار على يد من صام عن الأكل والشراب وأفطر على أجساد الضعاف.
في هذه الساعات الصعبة قد يأتي فجأة أحد المستعجلين من مفتولي العضلات وكأنه قد خرج لتوّه من صالة حديد ويحاول أن يقتحم الطابور باحترافية يظهر أنه قد تدرب عليها في مواطن كثيرة ولو نبهه أحد الواقفين الخائفين على أدوارهم من الضياع بطريقة مؤدبة ليرجع كي يأخذ دوره في آخر الصف وبدلاً من الامتثال قد يرد عليه باستخفاف ويقول له انتبه لا يطق فيك عرق وهنا قد تحدث ملاسنات ثم التحام قد ينتهى في أحسن الأحوال بتدخل أهل الخير وإقناعه ليقف في طابور آخر أقل ازدحاماً وفي أسوأ الأحوال قد تنتهي الأمور إلى مشاجرة عنيفة لا تُعلم نتائجها.
ساعات قبل الإفطار لحظات عصيبة في المحلات وعند إشارات المرور, وفي الطرقات سيارات تسير بسرعة الصاروخ. أغلب الحوادث تقع في هذه الساعة من نهار رمضان حسب الإحصاءات، فقليلاً من الهدوء فالفطور لن يطير وإذا كنت لا تستطيع فالزم بيتك كي تسلم! ومع كورونا وأيام الحظر حاول أن تشتري أغراضك في ساعات مبكرة من التاسعة إلى الثالثة على أكثر تقديرًا.