د.نايف الحمد
بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، وتقاسم الحلفاء كعكة الانتصار، ظهر للعالم نوع آخر من الصراع.. إنه صراع الحلفاء الأعداء !! لم يكن الاتحاد السوفيتي يثق في نوايا أمريكا رغم هذا التحالف.. كانت الشكوك وعدم الثقة تدور بين الطرفين.. وبعد نهاية الحرب أصبحت مُعلنة !! لقد ظهر في الأفق حرب جديدة بينهما.. لم تكن حرباً عسكرية، عُرِفت باسم «الحرب الباردة».
بدأت الحرب الباردة بحسب أغلب المؤرخين في منتصف الأربعينات من القرن الماضي، وانتهت بسقوط الاتحاد السوفيتي وانهياره في بداية التسعينات.
لم تكن تلك الحرب تقليدية ولم يلتق القطبان في ميادين القتال، بل عمد كل طرف لمحاولة الضغط على الطرف الآخر من خلال إنشاء ترسانة عسكرية ضخمة، وتطوير لأسلحة نووية، واستخدام الاقتصاد والتقدم الصناعي والتطور التكنولوجي والتسابق إلى الفضاء كوسيلة للتفوق في هذه الحرب، مع نشر الأيديولوجية التي يتبناها كل طرف، ومحاولة استقطاب الدول وعمل التحالفات الدولية، ودعم الحركات المناهضة للعدو في الدول الأخرى.
في ديسمبر من عام 1991 انهار الاتحاد السوفيتي وتفكك نتيجة ضعف البنية الاقتصادية وتململ دول الاتحاد من عدم وفاء الحكومة المركزية بوعودها، وتركيز الدولة على الإنفاق العسكري على حساب تطوير البنية المادية والبشرية.
في إعلامنا الرياضي بدا المشهد وكأن هناك حرباً أشبه بالحرب الباردة بين إعلام الهلال وإعلام النصر.. حرب لا تدور رحاها على الميادين الخضراء، وكما أن الحرب الباردة لم تحدث سوى بين أمريكا والاتحاد السوفيتي فإن هذه الحرب لا تحدث في أي مكان من العالم سوى في وسطنا الرياضي.. حرب من نوع خاص، الصراع فيها يدور حول المُسلّمات لا المتشابهات.. هذه الحرب أسلحتها من جهة كؤوس وميداليات.. ومن جهة أخرى قصاصات !!
الهلال يمتلك الإنجازات والبطولات والتاريخ كحقائق على الأرض سجلها بمداد من ذهب على صفحات المجد محلياً وعربياً وآسيوياً في بطولات يشهد بها القاصي والداني.. والنصر يسعى لمحاولة اللحاق بالهلال من خلال إضافة إنجازات وهمية لم يعترف بها حتى أكبر رموزهم. والأغرب من هذا أنهم يضيفون تلك البطولات لسجلاتهم ويتجاهلون وجودها لباقي الفِرق !! ألم أقل لكم أن هذا الصراع لا يوجد مثيل له في العالم سوى في إعلامنا !!
يجيّشون إعلام وجماهير الأندية الأخرى لكره الهلال والتأليب عليه، ومع ذلك لا يعطون هذه الفرق حقها متى كان ذلك لا يحقق مصالحهم.
في اعتقادي أن هذا السلوك لبعض إعلاميي النصر لم يكن عارضًا.. إنها أشبه بأيديولوجية يقوم عليها فكر بعض المنتمين لهذا النادي وذلك لتعويض الفارق البطولي الشاسع عن كبير آسيا الزعيم الهلالي.
والسؤال هنا، هل سيصمد إعلام النصر ويواصل ترويج هذه الأيديولوجية الجديدة (فكر القصاصات) !! أم ستأتي لحظة تسقط فيها هذه الأيديولوجية الهشة وتنهار كما انهار الاتحاد السوفيتي.. ويُسدل الستار على «حرب القصاصات الباردة».