مع نهاية العام 2019م وبالتحديد في نهاية ديسمبر تفشى في دولة الصين فيروس من عائلة كورونا يصيب الجهاز التنفسي ويسبب مضاعفات كثيرة قد تؤدي للوفاة، حيث بدأ الأمر طبيعيا كأي فيروس سابق ضمن هذه العائلة التي تصيب الجهاز التنفسي، لكنه هذه المرة كان مختلفًا في سرعة انتشاره، وقوة مضاعفاته، ليطوف العالم خلال شهرين بشكل مرعب، صنفته منظمة الصحة العالمية كجائحة، حيث استحكم هذا الفيروس الذي اصطلح العلماء على تسميته COVID 19 وبدأت الحكومات في مختلف العالم تتعامل معه بشكل مباشر بعد تزايد أعداد المصابين، وتهاوي الأنظمة الصحية عن الإمساك بزمام الأمور، وتحت حجب الإنكار والتغطية الإعلامية بدأت الدول تدرك حقيقة الخطر القادم من الصين مهد ولادة هذا الفيروس غريب الأطوار، فسقطت إيران بعدد وفيات أكبر من عدد الوفيات في ووهان مهد ولادة الفيروس، ثم سقطت روما لتسجل عددا مرعبا من الوفيات خلال أقل من شهر، ليخرج رئيس الوزراء الإيطالي معلنا فشل النظام الصحي في الدولة ويعلن حالة الطوارئ الحربية وهو مستوى متقدم من الاستنفار في إدارة الأزمات لاحتواء ما تبقى قبل أن تحل الكارثة الأكبر.
وهكذا فعل الفيروس في إسبانيا وبريطانيا وفرنسا ثم عاث في أوروبا قبل أن يجعل خارطة الولايات المتحدة الأمريكية تبدو باللون الأحمر لتعلن أمريكا كذلك حالة الطوارئ في البلاد.
وفي ظل هذا الارتباك العالمي مع الوباء سريع الانتشار برزت إدارة الأزمة المتميزة في السعودية بشكل يكتب في التاريخ، حيث كانت الحكومة السعودية على مستوى كبير من الوعي الذي تجسد في الجهود الاستباقية والاحترازية التي كان عنوانها العريض كل شيء يهون مقابل سلامة الإنسان على ثرى هذا التراب، فكانت خلية إدارة هذه الأزمة السعودية العالمية تركز على عدة نقاط غاية في الأهمية:
الأولى: سلامة الإنسان أولا، حيث تم تعليق الحضور لمقرات العمل الحكومية وكثير من القطاعات الخاصة، وكان أول القطاعات التي بادرت الحكومة السعودية بتعليق العمل فيها مباشرة المدارس والجامعات ثم الوزارات والجهات الأخرى، تمهيدًا لتعليق الصلاة في المساجد للجمع والجماعات بما في ذلك الحرمان الشريفان، كل ذلك لتكون صحة الإنسان أولا.
الثانية: تسخير كل الجهات الحكومية والخاصة نحو هدف واحد يركز على احتواء وعرقلة الانتشار السريع للفيروس فكانت كل القطاعات بقيادة القوات الأمنية المختلفة والقطاع الصحي، صاحب ذلك حملة توعوية إعلامية مسؤولة جعلت من الجميع في مربع الإدراك بالخطر القادم، ونجحت إدارة الأزمة بتحقيق الهدف في هذه الخطوة.
الثالثة: حماية النظام الصحي والاقتصادي من الانهيار، حيث ضخت الحكومة السعودية مليارات الريالات لدعم القطاع الصحي وكذلك القطاع الاقتصادي الذي جعل السعودية الأفضل لكثير من المقيمين على أراضيها من عمال ومستثمرين، بل شاهدنا كثيراً من المقاطع لعدد كبير من الأجانب الذي يثنون على ثبات النظام الاقتصادي والصحي.
الرابعة: تبني القيادة العليا للدولة ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير الشاب محمد بن سلمان للقيمة الأولى المؤكدة على حياة الإنسان تمثل ذلك في خطابي الملك سلمان الأول والثاني المليء بالمسؤولية تجاه الإنسان من المواطن والمقيم، بل في دعم الدول المجاورة بما تحتاج إليه من أدوات صحية وتموينية.
ختامًا: كانت السعودية في إدارة أزمة كورونا سريعة وحازمة، بطريقة جعلت من هذه الأزمة تتكسر بتوفيق الله ثم بحزم وعزم القيادة وتلاحمها مع شعبها، وإن كان الوباء لا يزال يتحرك في الأزقة إلا أن الوعي والاحترازات والجهود كلها تبشر بالخير.