إدارة الأزمات، إدارة الطوارئ، إدارة الكوارث، إدارة المخاطر، قد تختلف المسميات لكن الهدف واحد، هو الوقاية والحماية والتحصن ضد المخاطر، وتعتمد درجة القدرة على مواجهة الكوارث على عاملين مهمين؛ الأول قدرة الدولة أو المنظمة على تلطيف حدة الكوارث المحتملة قبل حدوثها بتنفيذ مشاريع أو برامج استباقية، والاستعداد لحدوثها والاستجابة السريعة لها بما لديها من القدرات والإمكانات والخبرات.
العامل الثاني حجم وقوة هذه الكارثة، سواء كانت طبيعية أو بفعل الإنسان أو كليهما، وانطلاقاً من حرص حكومتنا الرشيدة على أهمية هذه الإدارة، فقد صدر الأمر السامي الكريم برقم وتاريخ 1421هـ، بإيجاد إدارة عامة في كل وزارة وإدارة وأمانة، تكون مسؤولة عن أعمال الطوارئ لمواجهة الكوارث.
وتشكلت هذه الإدارات حسب الأمر السامي الكريم، ولكن بعض الجهات لعدم إلمامهم بأهميتها والدور الذي يمكن أن تقوم به كانت إدارة الكوارث التي استحدثت لديهم خالية من محتواها، وبتعبير آخر ولدت ميتة، فلم يتم تفعيلها بالكوادر الفنية والإدارية والارتباطات المالية اللازمة، وكانت وزارة الصحة من الجهات التي أولتها ما تستحقه من اهتمام، والنتيجة ما نراه اليوم من جهود موفقة في إدارة هذه الجائحة، وقد يكون لتكرار كوارث الأوبئة محلياً، اشتد عودها واكتسبت العديد من المهارات والخبرات المتراكمة، ما جعلها تقف صامدة أمام هذه المهمة، وكان لتفاعل بقية الجهات والتفافها معها، أخرجت لنا هذه المنظومة المتجانسة، أبهرت العالم بحسن أدائها، والتي ترنحت بل تحطمت أمامها منظومات أعتى الدول الذين سبقونا في هذا المجال، وكان لرؤية المملكة 2030 أكبر الأثر في إيجاد البيئة المناسبة لهذا التميز من كوادر فنية حاصلة على أعلى الدرجات العلمية وتطويع التكنولوجيا لخدمة الإنسان من ذكاء اصطناعي وغيره. ونتمنى مستقبلاً لو احتجنا لمثل هذه المنظوم عند حدوث أي كارثة مختلفة -لا سمح الله- وتغيّرت دفة القيادة والتحكم حسب الوزارة المعنية بهذه الكارثة أو وحدة المخاطر الوطنية، بحيث تكون هذه الإدارات أكثر قدرة وكفاءة للقيام بدورها على أكمل وجه، مما يتطلب تنسيقاً عالياً مع وحدة المخاطر الوطنية والجهات ذات العلاقة لتحديد المهام والصلاحيات، ومن ثم دعمها بالكوادر البشرية اللازمة والآليات والأدوات المطلوبة، وتطوير الكوادر البشرية ومواكبة التقنيات الحديثة، للتمكن من أداء مهامها على الوجه المطلوب، ولاسيما أن المؤشرات بحدوث الكثير من الكوارث على المستوى العالمي واردة وبنسبة كبيرة، نتيجة التطرف المناخي أو النزاعات والحروب، والتي نرى بعضها، وما نراه قد يكون قمة جبل الجليد فقط، والبعض الآخر ما زال ناراً تحت الرماد.