م. بدر بن ناصر الحمدان
اعتباراً من اليوم، صحيفة المسائية تتوقف عن الصدور، هكذا جاء عنوانها على صفحة الوداع بتاريخ الخميس 19 أبريل 2001، ضمن عددها الوثائقي الأخير الذي وثقت فيه مسيرة «20» عاماً مضت من العطاء المتواصل بدءاً من تاريخ صدورها في نوفمبر 1981م, حينما استطاعت خلالها أن تقدِّم تجربة رائدة على مستوى الصحافة، حيث كانت آنذاك هي الصحيفة الوحيدة التي تصدر في المملكة ومنطقة الخليج العربي في ذلك التوقيت المسائي.
صحيفة «المسائية» التي ولدت من رحم مؤسسة الجزيرة العريقة، ذلك البيت الكبير للصحافة السعودية، كانت ترتبط مع جيلنا بعلاقة استثنائية، هي بمثابة شيء لا يمكن الاستغناء عنه، إذ كان لا يمكن ليومك أن ينتهي دون قراءة المساء بكامله على أروقة صفحاتها.
الظروف التي تأسست «المسائية» فيها، كانت بمثابة تحد كبير، إذ إن المجالات التقنية والفنية لم تكن بذلك التطور الذي يؤهلها «لتمكين» هذه الصحيفة من الإعداد والتحرير والإخراج والاتصال ومن ثم الصدور والتوزيع والوصول إلى القارئ وسط بيئة «مُمَكِّنة»، بل إن الأمر كان يتطلب مواجهة ذلك التحدي بالخبرة والتأهيل والرغبة في تقديم شيء مختلف، وهذا ما كان يحدث.
ربما كانت هي نفس الظروف التي دفعت بمؤسستها إلى خيار التوقف القسري، احتراماً لقرائها، وعملاً بأخلاقيات المهنة، مساء ذلك اليوم الحزين في حياة عشاقها، حينما أعلنت المؤسسة في عددها الصادر بتاريخ 18 أبريل 2001 أنها «أخذت بهذا الخيار لأن التوقيت المسائي لصدور صحيفة بالمملكة يحول دون تحقيق الكثير من طموحات أسرة تحريرها، فقد واجهت المؤسسة بسبب توقيت الإصدار صعوبة في توزيع صحيفة المسائية في يوم صدورها وهو عنصر مهم لتحقيق النجاح المنشود».
ذاكرتي الشخصية مليئة بالأحداث والمواقف والمشاعر والذكريات التي لا تنسى تجاه هذه «المسائية» التي استطاعت أن تجتذب جيلاً بأكمله نحو ما كانت تصدره من مادة إعلامية، محتوىً وأسلوباً وتوقيتاً، يمكنني القول إنها كانت جزءاً من رحلة العمر التي لا يمكن تجاوزها دون التوقف ملياً أمام ذلك المساء المفعم بالحياة.
باختصار، «المسائية» كانت درساً مهنياً لا يتكرَّر كثيراً.