عبده الأسمري
استأثر بالأولويات فكان «سادن» التنمية و«خازن» التخطيط.. عاصر أربعة ملوك فحول «عصارة» وطنيته إلى «مغانم» شيدت «صروح» النماء.. ووظف «مهارة» كينونته إلى «غنائم» أوجدت «طموح» العطاء.
كان «ناظر» البترول و«ناضر» الحلول في حضرة «التأسيس» ملهمًا ومعلمًا ووزيرًا وسفيرًا وخبيرًا، اتخذ «سبيله» في الصبر سببًا؛ فحول العوائق إلى «عوالم»، شكلت له هرم الفلاح، وبدّل العراقيل إلى «معالم»، كوّنت له خارطة النجاح.
أنه وزير التخطيط، ثم وزير البترول والثروة المعدنية السابق، وسفير السعودية لدى مصر، الأستاذ هشام محيي الدين ناظر - رحمه الله - أحد أبرز القياديين من جيل الوزراء المؤثرين ورعيل الخبراء المؤثرين.
بوجه حجازي متشعب الملامح، متعدد المطامح، يعكس أصوله العميقة المتعمقة وطنيًّا، وتقاسيم تقاسمت مع والده «السكون»، واقتسمت مع والدته «العطف»، وعينين نضاختين بالحنكة مع كاريزما محفوفة بالدهاء، ومشفوعة بالذكاء، وطلة زاهية، تتوشح «البشوت» الملونة، وترتدي «الأناقة» العامرة بالزي الوطني المتشكل على شخصية ودودة، وقوام قويم موشح بابتسامة بيضاء وحلة عصماء قضى ناظر من عمره عقودًا وهو يؤسس «أعمدة» السخاء التنموي، ويوظف «أصول» الانتماء الوطني على طاولات «القرار»، وعبر «مجالات» الاستقرار على كرسي «الوزارة»، ونحو «مرسى» الحضارة» في متون «القيادة»، ووسط فنون «الريادة» كرجل دولة من الطراز الفريد، وعقل مرحلة صنع الإنجاز السديد صانعًا للفرق، ومنتجًا للفارق من «أعماق» التكليف إلى «آفاق» التشريف.
في جدة وُلد ناظر بين أب حانٍ وأم متفانية، علماه «طرائق» الحسنى، وسلماه «مفاتيح» المحاسن، فنشأ مخطوفًا إلى قطبين من «الامتثال» منخطفًا إلى وجهين من «الاعتدال»، أسبغا سجله «الطفولي» بمقامات «القيم» ومحكات «التقييم».
ركض ناظر طفلاً بين أحياء العروس مرددًا «أهازيج» الجداويين بين أقرانه، مجللاً بأريج الحجازيين بين جيرانه، مستلهمًا «معرفة» اعتمرت وجدانه، متوشحًا «ثقافة» غمرت كيانه، مسمعًا والديه «قصيدة» النباغة المبكرة والبلاغة الباكرة التي ألقاها في حضرة الملك سعود - رحمه الله -.
كان ناظر يراقب بفخر والده وهو يتابع أعمال بلدية جدة، ويرتقب بتفاخر إهداءات كتبه التي كانت «بشائر» القدوم لأبنائه بعد كل رحلة متشربًا منه روح السلام وبوح الوئام اللذين كانا «خلطة» الأسرة السرية في كتابة نصوص الجد وتفاصيل المجد.
تلقى ناظر تعليمه الأساسي في كلية فيكتوريا الشهيرة بالإسكندرية، ثم أكمل دراسته بجامعة كاليفورنيا، ونال البكالوريوس مع مرتبة الشرف في العلاقات الدولية عام 1957م، ثم الماجستير في العلوم السياسية عام 1958م، كما منحته جامعة كوريا والجامعة الأمريكية بالقاهرة الدكتوراه الفخرية في القانون عامَي 1976و1991م.
بدأ حياته الوظيفية العامة في قطاع البترول، وفي عام 1961م كان أول محافظ يمثل الحكومة السعودية في مجلس محافظي «أوبك»، وأول وكيل لوزارة البترول والثروة المعدنية من عام 1962م إلى 1968م. عيّنه الملك فيصل - رحمه الله - رئيسًا للتخطيط بدرجة وزير عام 1968م، ثم عضوًا مخططًا بدرجة وزير بمجلس الوزراء عام 1970م. وفي عام 1975م أصبح أول وزير للتخطيط، ووضع الخطط الخمس الأولى للمملكة للأعوام من 1970- 1995 التي لعبت دورًا كبيرًا في التنمية، وكان ناظر حجر أساس لقيام مدينتين صناعيتين في الجبيل وينبع. وفي عام 1986م كلف الوزير ناظر بتولي حقيبة البترول، إضافة إلى عمله وزيرًا للتخطيط. وعندما أصبح وزيرًا للبترول والثروة المعدنية أشرف على برنامج ديناميكي لتكامل صناعة النفط مع الصناعة العالمية، وأكمل شراء شركة أرامكو عام 1989م، وعيّن إدارة جديدة لها. وبات أول رئيس مجلس إدارة سعودي للشركة الجديدة «أرامكو السعودية». عمل الوزير ناظر في معظم مجالس تطوير التعليم العالي، وعمل أستاذًا في جامعة الملك سعود وشارك في تأسيس جامعتَي الملك فهد للبترول والملك عبد العزيز، وتم منحه تسعة عشر وسامًا من مختلف دول العالم، على رأسها وشاح الملك عبد العزيز.
وعمل مستشارًا لهيئات دولية، وكان أول مؤلفاته كتابًا بعنوان «قوة من النوع الثالث»، تم نشره بأمريكا عام 1999م ثم توزيعه محليًّا وعربيًّا. وأنهى ناظر حياته الفاخرة الزاهرة بالامتيازات والإنجازات بالعمل سفيرًا للوطن في مصر من 2005 - 2011م. توفي ناظر في نوفمبر 2015 في أمريكا بعد صراع مع المرض، ونعته الأوساط، وبكته الأعين تاركًا «إرثًا» ناطقًا بشهادة التطوير، مستنطقًا بشفاعة التنوير.
هشام ناظر صاحب المعالي الذي شكل «قمم» العلا، واعتلاها، واستقر بها واضعًا من «سيرته نبراسًا للوفاء»، ومن «مسيرته» دروسًا للاحتفاء.