د.عبدالعزيز عبدالله الأسمري
بينما العالم يركز على مواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد فاجأت طهران المجتمع الدولي بإعلانها يوم الأربعاء 22 إبريل قيام فيلق الحرس الثوري الإيراني (IRGC)، المصنف من قِبل الولايات المتحدة جماعة إرهابية، بإطلاق قمر اصطناعي عسكري (نور-1)، في انتهاك صريح لقرار مجلس الأمن رقم 2231 الصادر عام 2015 الذي يدعوها إلى «عدم القيام بأي نشاط مرتبط بالصواريخ الباليستية المصممة لتكون قادرة على حمل وإيصال رؤوس نووية».
وكانت إيران قد أكدت مرارًا أن برنامجها الفضائي ذو طابع مدني، إلا أن عملية إطلاقها القمر الاصطناعي الأخير تمت باستخدام تكنولوجيا الصواريخ الباليستية عابرة القارات، وهو نشاط يتعلق بالأسلحة الباليستية المصممة لتكون قادرة على حمل وإيصال الأسلحة النووية، وهذا ما يناقض ما دأبت إيران على تأكيده بأن لا خطط لديها لتطوير أسلحة نووية أو صواريخ قادرة على إيصالها.
وقد دان عدد من المسؤولين الغربيين إيران وتأكيداتها سلمية برنامجها الفضائي، ووصفوها بأنها تفتقر إلى المصداقية، كما نددوا بعملية الإطلاق الأخيرة، ووصفوها بأنها تمثل السلوك الخبيث لدولة إيران. وكررت أمريكا مطالبتها مجلس الأمن بفرض قيود دولية أكثر صرامة لردعها عن مواصلة برنامجها الصاروخي، وضمان عدم تهديدها السلام والأمن الإقليميَّيْن.
وأُجريت عملية الإطلاق الأخيرة للقمر نور من موقع (دشت كافير) وسط الصحراء الإيرانية باستخدام الصاروخ (قاصد) الذي يعمل على مرحلتين لإيصال القمر الاصطناعي إلى مدار يبعد ارتفاعه عن سطح الأرض مسافة 425 كيلومترًا، خلافًا للصاروخَين الأخريَين (سفير 1 وسفير 2)، أو (سيمرغ)، التي كانت قد استُخدمت لحمل أقمار اصطناعية سابقة. ويأمل الحرس الثوري أن يوظَّف القمر نور في مجال استخبارات الإشارة (SIGINT)، واستخدامات عسكرية أخرى.
وقد حقق البرنامج الفضائي الذي تشرف عليه وكالة الفضاء الإيرانية في السابق نجاحات متفاوتة؛ إذ تمكنت من إطلاق أول قمر اصطناعي لها في عام 2009 من مركز إيمان خوميني للفضاء شرق طهران، ثم تلاه وضع أربعة أقمار اصطناعية في مدارات فضائية حتى عام 2015، إلا أنه مني بعدد من الإخفاقات في عام 2019 حين باءت ثلاث محاولات إطلاق أقمار اصطناعية بالفشل.
وبالرغم من تأكيدات إيران سلمية برنامجها الفضائي، وإشراف مؤسسة مدنية عليه، إلا أن تبني الحرس الثوري الإيراني مؤخرًا إطلاق صاروخ قاصد المزود بتكنولوجيا الصواريخ الباليستية يعد تحديًا لقرارات الأمم المتحدة، وخرقًا لها، وهو ما قد يساعد في زعزعة الاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، ويؤدي إلى حدوث سباق تسلح إقليمي يزيد من احتمالات اندلاع مواجهات مدمرة.