د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
يتربع الدفاع المدني السعودي في مصفوفة الأجهزة الحكومية الوطنية الداعمة بقوة خلال أزمة وباء [كورونا] التي حلتْ ببلادنا والعالم نسأل الله زوالها، والدفاع المدني من قلاعنا التي تنطلق منها حزمة من المهام الحيوية لخدمة المجتمعات ويُعوّل في ذلك كله على جودتها وإجادتها، وتعتبر فلسفة الاستعداد المستمر، والتأهب الدائم هي الفكر الذي ينهل منه جهاز الدفاع المدني في بلادنا وما زالتْ تتوالى منصاته التي تتأهب لمساندة المجتمع حين الكوارث والأخطار التي تمس الأفراد والمنشآت، وينتظم الدفاع المدني في مسار المحفزات الممكنة للنجاحات التي يشهدها وطننا الحبيب من خلال مسيرة الدفاع المدني المشرفة التي دائماً ما كانت من نوافذنا المبصرة، فلم يستقل جهاز الدفاع المدني السعودي في غرضه وخطواته عن القطاعات الخدمية الوطنية الأخرى بل إنه شكّلَ حضوراً تاماً وقوراً فحظيتْ قياداته وطواقمه البشرية المشغلة لكل مهامه بالاحترام والتقدير الشعبي والوطني، كما أبرم الدفاع المدني رباطاً متيناً مع كل قطاعات الوطن لاضطلاعه بتوفير سبل الحماية والوقاية ونشر ثقافة الاحتراس من الأخطار بعون الله للأفراد والجماعات والمنشآت الوطنية العامة والخاصة، ولم يكن دور الدفاع المدني دور نقاهة وإتمام بل إن شهادة الأمن والسلامة التي يصدرها تعتبر في ذاتها وثيقة ممهورة تتطلبها كل طاقات التشغيل؛ ولعل وجود تلك الشهادة يعتبر مؤشراً عالياً لاستقرار النفوس ومفتتحاً للإنجاز بأمان، وشهادة الدفاع المدني مستند أراه من المعايير العليا لتأصيل ثقافة صناعة الأمن الذاتي والمجتمعي بكل التفاصيل التي تتضمنها..
ولاهتمام الإدارة العامة للدفاع المدني في بلادنا بتأسيس الثقافة الأمنية الخاصة في المنازل؛ فقد اهتمت بالجوانب التوعوية الموجهة للمواطن والمقيم بشكل عام في سائر الأوقات؛ وفي هذا الوقت خاصة حين الحجر المنزلي الذي أقرته قيادتنا- وفقها الله- احترازاً من انتشار فيروس [كورونا المستجد]؛ وحرصاً على عدم اتساع دائرة انتشاره؛ فقد تجلّى ذلك في إطلاق الدفاع المدني حملة توعوية شاملة بعنوان [سلامتك بمنزلك غايتنا] بدأت في مطلع شهر أبريل الحالي بتتابع لافت وأسلوب ممنهج؛ وتأسيساً على حرص القيادة على سلامة المواطن والمقيم فقد رسمتْ الإدارة العامة للدفاع المدني صورة ذهنية دقيقة للواقع المنزلي في زمن الكورونا من حيث كثافة ساعات الجلوس في المنازل، وضغط الأحمال الكهربائية نتيجة لاستهلاك كثير من الطاقة إضافة إلى استخدام الأفران ومواقد الغاز في تسيير المتطلبات المنزلية، وأخطار الشواحن التي يتطلبها الاستعمال المزمن للهواتف المحمولة، وارتياد المسابح المنزلية من قبل الأطفال، ودائماً ما تكون أوقات الأزمات الصحية والبيئية من كواشف الخلل في صناعة الأمن والسلامة العامة خاصة داخل المنازل حين تغفل عنها عين الرقيب في داخلها، ولذلك فقد شملتْ الحملة التوعوية جميع متطلبات السلامة منذ تدشين الحملة من قبل مدير عام الدفاع المدني الفريق سليمان العمرو، وهي تؤطر للحماية والوقاية بالمشاهد المرئية والمسموعة والمقروءة، والحقيقة اللافتة إن الاحترافية العالية في صناعة المحتويات التوعوية وقوالبها دليل يؤكد متانة الصناعة الإعلامية في جهاز الدفاع المدني وتمثل ذلك في مقاطع الفيديو وقيادة المعلومات التي تتلقاها الأسرة في مجال التثقيف بأدوات السلامة ومسببات المخاطر في المنازل، وكذلك نجحتْ الإدارة العامة للدفاع المدني في حملتها التوعوية [سلامتك في منزلك غايتنا] لبناء تواشج اجتماعي نفسي متين بينها وبين الإنسان والمكان عندما توجهتْ الحملة للناس واقتربتْ منهم وهم في هذه الأزمة التي أجبرتهم على الابتعاد عن أضواء وتفاصيل الشوارع والميادين؛ وهذه الجهود المشكورة المذكورة تتطلب واسعاً من الالتزام والحرص والاهتمام من قبل المواطنين عامة والآباء والأمهات في لمنازل خاصة، وعندما يُحمدُ للدفاع المدني استحداث الحملة التوعوية في جميع صورها وصياغاتها من أجل السلامة والأمان فإنه يحمدُ أيضاً للمواطن الامتثال وصياغة منظومة منزلية متكاملة لمهوم الأمن والسلامة الشاملة كما هي أهداف الإدارة العامة للدفاع المدني في حملتها التوعوية [سلامتك في منزلك غايتنا] فشكرا للجهود المتقنة (وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائمُ).