فهد بن جليد
مَن دامَ كسله خاب عمله (رأي) ابن المُقفع هذا ينطبق اليوم على كثيرين من حولنا في عصر كورونا، ممن يؤجِّلون إنجاز أعمالهم في وقت (الحجر المنزلي) حتى اللحظات الأخيرة، لا لشيء سوى التعوّد على ذلك، وكأنَّ المُشكلة الأزلية مع التسويف في إنجاز الأعمال وتركها إلى آخر لحظة ليست نتيجة عدم توفر الوقت كما كنا نعتقد، أو التظاهر بالانشغال وإنجاز الأمور حسب أهميتها، بل هي طبيعة إنسانية مؤذية كشفها (الحجر) لأزواج دأبوا على تأجيل بعض المهام العملية والمنزلية والتي تتمثَّل باستخدام الكمبيوتر أو الهاتف لطلب (خدمة ما)، أو إنجاز أمر بسيط حتى آخر لحظة.
هذه طبيعة وحقيقة الأمور حتى في الأيام العادية بحب البعض الاستمتاع بالكسل ووهم الانشغال الذي لا يمكن أن يعيش بدونه لأنَّه يمنحه في النهاية (وهج وأهمية) حتى أمام أطفاله وداخل منزله، فعندما تؤدي هذه المهمة بالسرعة والسهولة المطلوبة ما الذي ستقوم به لاحقاً؟ لذا أكثر الأزواج هماً في المنزل هم (المُسوِّفون) غير المُفيدين وغير المُنجزين، يأتي بعدهم في المرتبة الثانية (مصطنعو الانشغال) بين أربعة جدران، وهذا -برأيي- من مظاهر الهياط الجديدة (في الحجر) عندما يوهم الزوج من حوله بالانشغال وعقد سلسلة من الاجتماعات الافتراضية المنزلية لإنجاز الأعمال، وإجراء المُكالمات، فالجميع يسمع جلبة وجعجعة، وكأنَّ المذكور من سيُخلص العالم من (كورونا ومشاكله)، بينما حقيقة الأمور أنَّه لم يفلح في الحصول على (مشهد من عمله) للخروج وقت منع التجول.
كسل التسويف والتأجيل (آفة) يجب التخلّص منها، لتتعوَّد الأنفس فيما بقي من (أيام الحجر) على لذة ومتعة الإنجاز، ولو (بدفع الكسل) الذي هو عدو النجاح بالدعاء في أيام وليالي الشهر الفضيل، فقد استعاذ الرسول الأكرم -صلى الله عليه وسلم - من (العجز والكسل)، كما أنَّ أعرق الدراسات الإنسانية تتخوَّف من تحول (الكسل) و(التسويف) حتى اللحظة الأخيرة، إلى عادة (مُمتعة ومُحفِّزة) تدفع على الإنجاز نتيجة الشعور بالقلق والتحدي، وتلك معضلة وقصة أخرى.
وعلى دروب الخير نلتقي.