تمثل القصور التاريخية التي بُنيت بأمر الملك عبد العزيز -رحمه الله- في المناطق التي كان يقوم بزيارتها من حين إلى آخر أهمية كبيرة في تاريخ المملكة نظرًا إلى أهميتها من الناحية التاريخية والوطنية؛ لما شهدته من أحداث ومناسبات مهمة، إضافة إلى أهميتها التراثية والمعمارية.
وتتميز هذه القصور والمقار بأشكالها وأحجامها المميزة، واستخدام مواد البناء المحلية في عمارتها، ووقوع الكثير منها في مراكز المدن؛ وهو ما يجعلها علامات مميزة لوحدة الدولة، وعناصر بارزة للتراث العمراني في مواقعها. من هنا تأتي أهمية الاستفادة منها في إبراز تاريخ المؤسس والوطن من خلال إعادة تأهيلها وتوظيفها كمتاحف ومراكز حضارية وثقافية متعددة الاستخدام.
وتنقسم تلك القصور إلى نوعين: الأول يتمثل في القصور التي بناها الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، وسكنها أو نزل بها خلال رحلاته. والنوع الثاني يشمل القصور والدور التي نزل بها المؤسس -رحمه الله- خلال رحلاته، التي كانت مملوكة لآخرين.
مراكز حضارية وثقافية
ونظرًا للأهمية التاريخية لتلك القصور فقد تم ترميم وإعادة تأهيل عدد من هذه القصور التاريخية في عدد من مدن المملكة في إطار مشروع خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري.
ويهدف هذا البرنامج إلى إعادة تأهيل وتوظيف المباني التاريخية في عهد الملك عبدالعزيز كمراكز حضارية وثقافية, تُبرز تاريخ الدولة السعودية بأدوارها الثلاثة, ولتعزيز وحدة القلوب المباركة التي تأسست عليها هذه البلاد؛ لتصبح هذه القصور والمقار متاحف لعرض صور ومقتنيات ووثائق مراحل تأسيس البلاد في كل منطقة، والاستفادة من المباني في عرض تاريخ المدينة الواقعة بها، والتعريف بموروثها الثقافي, إضافة إلى إبراز البُعد العمراني للمباني التاريخية في عهد الملك عبدالعزيز كعناصر مميزة، تعكس الهوية العمرانية للمملكة، وخصائص العمارة المحلية. ويتم تنفيذ هذا المشروع بالتعاون مع وزارة الثقافة والإعلام ودارة الملك عبدالعزيز ومكتبة الملك عبدالعزيز العامة. ويتضمن توظيف تلك القصور عرضًا تاريخيًّا عن القصر والمنطقة والفترة التي بُني فيها، والتطور الحضاري للمنطقة أو المحافظة التي يقع فيها. كذلك يشمل التوظيف عرض فعاليات ثقافية، تشمل محاضرات, وندوات وأمسيات شعرية, إضافة إلى عرض عن تاريخ توحيد المملكة، وإبراز التاريخ الوطني. كما يضم ركنًا خاصًّا بعرض الصور التاريخية للمنطقة, وربط توظيف القصر ببرنامج تعليمي مدرسي, ويصاحبه كذلك عرض للحرف والصناعات التقليدية.
ومن القصور التي شملها برنامج الترميم والتأهيل والتوظيف قصر المصمك بالرياض, قصر المربع بالرياض, قصر الملك عبدالعزيز بالدوادمي, قصر الملك عبدالعزيز بالخرج, قصر أبوجفان بالخرج, قصر الزاهر بمكة المكرمة، قصر شبرا بالطائف, قصر المويه بالطائف, قصر خزام بجدة، بيت نصيف بجدة, قصر الملك عبدالعزيز بنطاع بالمنطقة الشرقية, قصر الملك عبدالعزيز بأم عقلا بالمنطقة الشرقية، بيت الملا بالهفوف, قصر الملك عبدالعزيز بقبة بالقصيم, قصر الإمارة بالغاط, قصر الإمارة بوادي الدواسر, مبنى القشلة بحائل، مباني جمرك القرية العليا بالمنطقة الشرقية, قصر إبراهيم بالأحساء، قصر الإمارة بنجران «قصر بن ماضي», قلعة الملك عبدالعزيز بضباء, قلعة الملك عبدالعزيز بحقل, قصر الإمارة بأملج، قصر الإمارة بالوجه، قصر الإمارة بالحديثة, قصر الإمارة بالعيساوية بالجوف, قصر كاف بالجوف, قصر الإمارة بلينة, مدرسة الصانع بالمجمعة, المدرسة الأولى بالهفوف, المدرسة الأميرية بضباء.
القصور التاريخية بمنطقة الرياض... شواهد على تأسيس المملكة
وتُعد قصور الدولة التاريخية بمنطقة الرياض شواهد حضارية ناطقة بتاريخ المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه -. وعلى الرغم من انتشار القصور التاريخية في مناطق المملكة المختلفة إلا أن قصور الدولة بمنطقة الرياض تتمتع بمكانة خاصة لوقوعها في منطقة تحتضن عاصمة الدولة وواجهتها الحضارية؛ إذ شهدت هذه القصور بداية تكوين الدولة، ووحدة شعبها بقيادة الملك المؤسس -رحمه الله-. وقد أدركت الدولة أهمية هذه القصور، ودورها الحضاري في بناء الحاضر والمستقبل، ووظفت جهودها في الاعتناء بها والمحافظة عليها من خلال ترميمها وتأهيلها بما يحافظ على عراقتها، ويمكنها من المواكبة للمراحل المختلفة. ودعمت في هذا الإطار البرنامج الوطني الذي تضطلع الهيئة العامة للسياحة بتنفيذه، الذي يُعنى بتطوير قصور الملك عبد العزيز ومباني الدولة في عهده في جميع مناطق المملكة؛ إذ شرعت الهيئة في ترميم وإعادة تأهيل عدد من القصور في منطقة الرياض، التي تضم قصر المصمك الذي حظي بعناية كبيرة من الدولة، وتم تحديث العروض المتحفية فيه وتطويرها؛ لتواكب دورها الثقافي في تعزيز الحس الوطني للأجيال المتلاحقة. وقد افتتح خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- (ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع حينها) قصر المصمك بعد تطويره بتاريخ 27-3-1433هـ.
كما تحتضن منطقة الرياض قصر الملك عبدالعزيز بالبديعة، الذي سبق ترميمه وتأهيله من قبل. وهناك جهود مبذولة لإحداث مزيد من التطوير لتأهيله كمعرض للصور التاريخية التي تعكس تاريخ المملكة وفترات بنائها وتطورها. وقد اعتمدت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض مشروع تأهيل المنطقة المحيطة بهذا القصر، وتحويلها إلى متنزه عام، تبلغ مساحته نحو 158 ألف متر مربع.
كما أن هناك قصر الملك عبدالعزيز بالخرج، الذي تعمل الهيئة العامة للسياحة والآثار على تأهيله وتطويره؛ ليكون متحفًا وطنيًّا عريقًا في محافظة الخرج.
أما قصر الملك عبدالعزيز التاريخي في محافظة الدوادمي فيجري العمل على تأهيله كمتحف وطني، يضم مقتنيات المحافظة ووثائقها التاريخية كافة التي تعرف بها، ومساهمات سكانها في تأسيس الدولة السعودية على عهد الملك المؤسس - رحمه الله -.
كما أن قصر الملك عبدالعزيز بوادي الدواسر تم ترميمه، ويجري العمل على تجهيزه كمتحف لمحافظة وادي الدواسر. ويعد هذا القصر الذي يعرف بقصر الإمارة القديم من أهم المعالم في المحافظة، وقد أمر ببنائه الملك عبد العزيز - رحمه الله - ليكون مقرًّا للحاكم الإداري في وادي الدواسر.
وتشمل قائمة القصور العريقة بمنطقة الرياض (قصر أبو جفان الذي يقع شرق مدينة السيح، الذي أمر الملك عبد العزيز - رحمه الله - ببنائه في سنة 1366هـ، ويجرى العمل على تأهيل هذا القصر وتجهيزه وتطويره ليمثل نقطة جذب سياحي على مسار طريق التوحيد الذي سلكه الملك عبدالعزيز، لاستعادة الرياض وتوحيد المملكة العربية السعودية).