د.عيد بن حجيج الفايدي
ظهرت تحديات كثيرة، ومؤثرات متعددة، تسهم في الخروج عن الفطرة السليمة. وهذه التحديات قد تكون عقدية، أو فكرية، أو نفسية. ومنها ما هو تحدٍّ مقصود، ومنها ما هو تحدٍّ غير مقصود. ولكن هذه وتلك تشترك في وسيلة واحدة، وتستخدم أداة واحدة، هي شبكة المعلومات؛ وهو ما سهَّل الوصول إلى حياة الشاب اليومية لتغيير واقعه إلى واقع آخر، أو تُخرجه من إطار عقيدته إلى انحراف خطير, وأصبح لا مناص من استخدام شبكة المعلومات، أو التعامل معها، التعامل الإيجابي السليم الذي له فوائد كثيرة، ومميزات مفيدة.. لكن المشكلة أن هناك جانبًا سلبيًّا فيها، تمثَّل في الجرائم الإلكترونية، التي تشكِّل خطرًا وتحديًا على جانب كبير من الخطورة.
والغريب أن هذه الجرائم في البداية كانت محدودة؛ لأن استخدام شبكة المعلومات أساسًا كان محدودًا؛ فقبل ما يقرب من 3 عقود من الزمن لم يكن عدد مستخدمي شبكة المعلومات في العالم يزيد على 1 % من السكان، لكن خلال هذا العام وصل عدد مستخدمي شبكة المعلومات لأرقام فلكية، وصلت إلى خانة المليارات.
وقد كشف موقع «اليكسا» أرقامًا خيالية عن المال الذي يُنفَق في أعمال غير مشروعة، وعن نسبة عالية في زيارة المواقع غير المشروعة. وهناك دراسات أكدت أن تلك الجرائم تشكل خطرًا على الخصوصية.
واختلفت الدراسات في تصنيف الجرائم، من جرائم لها علاقة بالانحرافات العقائدية، إلى جرائم لها علاقة بالمال والاقتصاد والسياسة، وغير ذلك من التصنيفات الأخرى. ولكن مع زيادة تقدُّم تقنية الحاسبات وتقنية المعلومات زادت تلك الجرائم سرعة وانتشارًا نتيجة التحولات المتقدمة, والتطورات السريعة في ميدان الاتصالات، والحاسب الآلي, وتقنية المعلومات.. وظهرت جرائم لم تكن معروفة في العصور السابقة, ارتبط اسمها باسم الميدان الذي ظهرت فيه، وهو الميدان الإلكتروني، أو ميدان تقنية المعلومات، وعُرفت باسم الجرائم الإلكترونية، أو جرائم تقنية المعلومات. واتصف هذا النوع من الجرائم بسرعة الانتشار والخطورة، ودخوله المجالات والميادين كافة، ومختلف المجتمعات المحلية والدولية، وتجاوز القارات والحدود؛ وهو ما تطلب عقد الاجتماعات والندوات المؤتمرات لدارسة تلك الجرائم، وإيجاد السُّبل والإجراءات الضرورية لمواجهتها.
وفي هذا الصدد يقول أحد خبراء القانون الدولي: «إن تلك الخطورة تتمثل في صعوبة إثباتها، وطبيعة الأداء المستخدمة في اصطناعها، وامتداداتها الجغرافية، واستطالاتها العالية. إنها ببساطة تمثل الوجه السيئ للنشاط الإنساني في ميدان تقنية المعلومات والاتصالات».
ومع ظهور الاستخدام والتطور المتسارع في شبكة المعلومات ظهرت تحديات وصعوبات جديدة، لم تكن معروفة سابقًا، كصعوبة معرفة المجرم الذي يخترق الحسابات الشخصية، أو البنكية، أو يقوم بإرسال الفيروسات عبر برامج خاصة، وصعوبة تحديد عناصر تلك الجريمة أيضًا؛ فهي عابرة القارات، ولا تترك الأثر المادي الملموس.
وقد لا تشعر بها الضحية في حينها إلا بعد فوات الأوان. ومن بين تلك الأعمال: التنصت على شبكات الاتصال ونقل المعلومات والصور، وكذلك التزوير، أو إدخال معلومات غير صحيحة، أو اختراق المواقع وإغلاقها، أو اختراق البريد وحسابات التواصل الأخرى.. بل إنه تظهر جرائم لم تكن معروفة، مثل جرائم المخدرات الرقمية، وجرائم الفيروسات. وهنا تظهر مسؤولية
الأسرة والمدرسة وبقية مؤسسات المجتمع، وضرورة وجود برامج مشتركة لمعالجة المشكلة.