تبعاً لما أنجزته الحركة الأدبية المعرفية في المشهد العربي، جاء مدى استيعابها لمستجدات الحياة الثقافية والفكرية والإبداعية، في مضمار التأثير والتأثر، الذي فسر مظاهره العديد من النظريات الثقافية، كنظرية التداخل الثقافي وغيرها، إلا أن بعض ما يطرح في مشهدنا المحلي تحديداً في هذا السياق، أشبه ما يكون بالعودة إلى تجريب العجلة المربعة، نتيجة خلط بين القالب وبين اللغة وبين اتجاه القالب من جانب آخر!
وإذا كانت الموشحات أول القوالب الجديدة التي ظهرت، إلا أن هناك من يرى بأن «المولدون»، في العصر العباسي الثاني من بدأوا التجديد في القالب الشعري! ومع أن القالب ظهر عمودياً فالتفعيلي، ثم الحر، فالمرسل، ثم النثري، التي يمكن استقراؤها عبر عدة مناظير منهجية، أولها: الاتجاهات الأدبية ومدارسها النقدية، كما هو الحال لدى مدارس: الإحياء، التجديد، أبولو، دار العلوم، المهجر؛ و ما نجده لدى آخرين عبر خارطة الثقافة العربية ومستجدات حركتها الأدبية، في ما ألفوه من دراسات نقدية، وما أصدروه من دواوين شعرية، كما هو الحال لدى نازك الملائكة فيما أسست له في مؤلفاتها النقدية عن الشعر وقضاياه وفي الشعر الحر، وما نجده في دواوينها.
وبالعود على البدء فإن القالب نفسه، يعد أحد الأدوات التي لا بد من توظيفها كإحدى أدوات الفهم والبحث، لاستقراء حالة «تقولب» رقمي يشهدها بداية فن الشعر، وفن الرواية، ما جعل من القوالب التي لم تنشأ في البيئة الاتصالية الجديدة، يمكن وضعها تبعاً لكل ما سبق في سلة واحدة، يمكن وصفها «افتراضاً» بالقوالب التقليدية!
القوالب التقليدية لقرون كانت باتجاه القالب الشعري، فهل ستتكسر سائر قوالب الفنون الأدبية دون استثناء.. بفعل «آلة» الرقمنة؟!
** **
- محمد المرزوقي