علي الصحن
الحديث عن مستقبل الهلال ليس جديداً، والقلق الذي يشعر به كثيرٌ من الهلاليين في مكانه بكل تأكيد، وسبق أن كتبت هنا عن الفئات السنية في النادي وعن أسلوب العمل وعن ضعف منتجها وعن عجزها عن تقديم نجم واحد خلال السنوات الماضية، الأمر الذي أدى إلى انصراف النادي إلى البحث عن اللاعبين خارجه، والتعاقد مع أسماء كانت الفئات السنية في الهلال في سابق الزمن تقدِّم من يفوق بعضهم مستوىً وتأهيلا.
هنا أشير إلى أن هناك بعض الهلاليين الذي لا يرون في الأمر ما يستدعي القلق وأن مسألة صناعة النجم تحتاج إلى وقت وأنه قد يكمل وقد يتوقف في منتصف الطريق، وأن الاحتراف قد هوَّن الأمر وأصبح بالإمكان التعاقد مع لاعب جاهز فور الحاجة له، وهذا الرأي مردود عليه من عدة أوجه.
أولها: أن صناعة اللاعب من البداية تضمن تأسيساً متكاملاً له، وتجعله محل نظر الأجهزة الفنية في النادي، التي تختار له الأفضل، وربما تكتشف فيه ما لا يراه غيرها، فتتخذ بشأنه قراراً يغيّر مسار حياته الكروية بالكامل، وكم من لاعب بدأ حياته الكروية في مركز لكن نظرة خبير غيرت كل شيء.
وثانيها: أن اللاعب القادم من ناد آخر قد يكون جيداً بارزاً في ناديه، لكن هذا لا يضمن له النجاح في ناد آخر، لا سيما بحجم وجماهيرية الهلال، وكم من لاعب جاء من ناديه كنجم ومطلب، لكنه عجز أن يواصل في الهلال وخرج من النادي بهدوء دون أن يسأل عنه أحد.
وثالثها: عدم توفر اللاعب النجم الذي يستحق اللعب في الهلال في كثير من المراكز، وصعوبة التعاقد معه حال توفره، في مراكز معينة أبرزها مركز حراسة المرمى.
ورابعها: أن الاهتمام بالفئات السنية والعناية بلاعبيها تجعلهم قريبين من نجوم الفريق الأول، وتشعرهم بقيمة الفريق، وجماهيريته، وتخلق لديهم حافزاً قوياً وتنافساً مختلفاً من أجل الوصول إلى القمة، ومع هذا التنافس يخرج النجم الحقيقي، وتظهر الصفوة التي كان من ضمنها في زمن مضى الثنيان وسعد مبارك والحبشي والتخيفي والتيماوي مروراً بالجابر والتمياط والعويران -رحمه الله- والدوخي والجمعان ثم العابد والفرج والبريك والمعيوف وغيرهم كثير.
وخامسها: إمكانية الاستفادة من خريجي الفئات السنية واستثمار من لا يجد فرصته مع الهلال وتسويقه لأندية أخرى.
وسادسها: أن صناعة عشرة نجوم حقيقيين من خلال النادي، ستكون تكلفتها المادية أقل بكثير من تكلفة التعاقد مع لاعب واحد من ناد آخر - وربما نجح وربما فشل - ولك أن تتخيل أن النادي قد تعاقد مع لاعب ما بما يفوق خمسة ملايين سنوياً، وتوقّع ماذا سيفعل هذا المبلغ لو سخّر لمدرسة كروية في النادي.
الحديث عن مستقبل الهلال ليس ترفاً، وإدارة النادي مطالبة بدراسة واقع الفئات السنية، وطريقة العمل بها، وماذا يمكن عمله من أجل تطويرها وإعادتها سيرتها الأولى، في السابق كان كل النجوم من أبناء الهلال، ولم يكن الاستقطاب إلا للضرورة القصوى ولأسماء عليها القيمة مثل محمد الدعيع، والشريدة وأسماء أخرى تفاوتت نسب نجاحها مع الهلال لكنها لم تصل لدرجة الفشل.
الكرة في ملعب إدارة النادي، والوقت في صالحها.. والمدرج الكبير ينتظر القرار.