يتماوج العالم هذه الأيام في التعاطي مع الوباء الذي اجتاح أركانه، وانتشر في كثير من أرجائه، وطال شرايين الحياة الرئيسة وأثر على طبيعة الحياة العامة وشارك في تفاصيل كبيرة وصغيرة لم تخطر على قلب بشر!
وفي مثل هذه الأزمات يرتفع رصيد الحكومات المعنوي في حكمتها في التعامل مع المستجدات التي تكون على مدار الساعة، وقدرتها على إيصال الرأي الصحيح للناس وتعريفهم به وإقناعهم بالتعامل معه وتهيئة السبل الكفيلة والبدائل المناسبة ليتكيفوا مع الواقع تكيفاً سليماً يحقق أهداف المرحلة ويسهم في التعامل الإيجابي مع تفاصيلها المتغيرة على مدار اللحظة!
ويرتفع رصيد الأفراد التوعوي والمنهجي والتكاملي والوطني.
وأمام ذاك كله نحتاج بعد الإيمان بالله والتوكل عليه إلى المواطن الواعي المتفهم لمسألة الأخذ بالأسباب التي دائماً ما تكون ملازمة للتوكل على الله تعالى.
والأخذ بالأسباب هنا له جانبان:
جانب مسؤول رسمي:
معنيّ بتشخيص الواقع تشخيصاً سليماً واضحاً مبنياً على الدراسات والأبحاث العلمية والتجارب الصحيحة؛ والذي يترتب عليه سنّ القوانين المناسبة في الوقت المناسب وتطبيقها بطريقة صحيحة تضمن فاعليتها بإذن الله، ومتابعة ذلك وفق أحدث الأساليب الراقية التي تحفظ الناس كرامتهم وتراعي سلامتهم وتضمن انضباطهم.
وبث الوعي للناس بحقائق الواقع الذي هم فيه بالطريقة التي تلائم الصيغة الإعلامية التخصصية والنسبة المتوازنة من تجنب التهويل والتخويف مع كشف الحقائق وتوضيح قيمة القوانين في الحد من انتشار المرض وتقليل الأضرار المترتبة عليه.
وجانب مسؤول عام:
وهو المواطن بسعيه ليكون رجل الأمن الأول في كافة المسارات: الأمن الصحي والفكري والإعلامي والوطني وكل أشكال الأمن ومجالاته، ويتأكد هذه الأيام الحاجة الماسة لتنمية الفكر الصحي وتنشيط مسارات المسؤولية الحقيقية: مسؤوليته عن نفسه وأسرته وعائلته ووطنه والعالم؛ كونه يشكل رقماً حقيقياً في تعداده وممثلاً لعدد صحيح في تكوينه.
ولقد أثبتت المملكة العربية السعودية بحكمة قادتها وتآزر حكومتها ووعي شعبها وصادق انتمائه لوطنه وولاة أمره وكفاءة أنظمتها وتميّز معاييرها وارتفاع مستوى الحوكمة والشفافية فيها -أثبتت- قدرتها على ضبط زمام الأمور وإدارة الأزمة باحترافية عالية عبر فرقها المتخصصة وقياداتها المؤهلة ومرافقها المهيأة واستعداداتها الكاملة، ما حقق نتائج أبهرت العالم بأسره وقادت إلى التأسي بها وحثت كثير من المنظمات الصحية العالمية إلى اقتفاء أثرها الميمون في التصدي لهذه الجائحة وتقليل تبعاتها ومعالجة آثارها.
دعم ذلك كله عقيدة راسخة بالله تعالى في التوكل عليه والإيمان به واليقين بقريب شفائه وكريم عطائه، ورعاية حكيمة من ولاة الأمر، وإدارة ناجحة للأزمات من سائر الجهات ذات العلاقة، وتعامل مواطن صالح صادق الانتماء واعي الفكر مدرك أننا جميعاً مسؤولون عن تحقيق أهداف منظومة النجاح لأننا كُلُّنَا وَطَن.