عبدالعزيز السماري
منذ أكثر من 50 عامًا، دفعت صناعة السكر العلماء لإلقاء اللوم على الدهون ودرء الشبهة عن السكر كأحد مخاطر أمراض القلب، وتم نشر النتيجة في مجلة نيو إنجلاند الطبية في عام 1967، دون الكشف عن تمويل صناعة السكر، ولم تكن هذه الحادثة الأخيرة في مجال تمويل الأبحاث الطبية، بل هي التي فتحت الباب للتاجر للدخول والتأثير على الأبحاث العلمية والتي يتم من خلالها تسويق المنتجات والأدوية الجديدة..
قد لا يعرف العديد من المرضى القصة الكاملة عن عقاقيرهم أو علاجاتهم الطبية بسبب مشكلة واسعة النطاق تشمل تجارب سريرية غير منشورة أو منحازة، وفقًا لأدلة متزايدة، وفي كثير من الأحيان، تنشر المجلات الطبية أو شركات الأدوية التي ترعى البحث عن النتائج «الإيجابية» فقط، مع استبعاد النتائج غير السلبية أو النتائج السلبية، حيث قد يكون عقاراً أو إجراء جديداً أكثر ضررًا من الفائدة.
هذا هو على وجه التحديد التحيز التجاري، والذي يقوم بدفع الأموال من أجل اعتماد دواء محدد من قبل المؤسسات المعتمدة، وهو ما يفتح الباب لحق حصري يصل إلى عشر سنوات، وقد تُكتشف بعد إجازته آثاره السلبية والكارثية، والتي تم إخفاؤها بسبب التمويل التجاري، وقد حصل هذا مع كثير من الأدوية التي تم سحب إجازتها من السوق.
القضاء على التحيز التجاري في البحث الطبي أمر لا بد منه، فالدعوات لا تتوقف عن المطالبة بالقضاء على العلاقة بين الرعاية التجارية وإجراء البحوث وتقديمها، حيث يمكن لمعاهد دعم البحث القيام بدور الممول، بدلاً من منظمة تجارية هدفها البحث عن العقود الربحية.
العائق في هذا الأمر أن التمويل المستقل عادة ما يكون أقل كثيرًا من التمويل التجاري، وخصوصاً أن كثيرًا من الباحثين في الغرب يعيش على التمويل المادي لبحوثه، ومن خلال ذلك نكتشف موطن الضعف في تلك العلاقة، ولذلك تجد أغنى أغنياء العالم يتنافسون على ملكية أسهم شركات الأدوية، ثم تقديم الدعم لبعض بحوث الأدوية أو اللقاحات، والتي من الممكن أن تدر ذهباً إلى محافظهم.
لذلك قد يفسر ما ذكرته أعلاه ما يجري الآن من ضوضاء خلال وباء الكورونا، فقد فتح الباب على مصراعيه للتنافس التجاري حول الدواء الشافي أو اللقاح المضاد للفيروس، وسنشهد كثيرًا من التحولات قبل أن نصل إلى تلك الثقة التي يبحث عنها المريض قبل تناول الدواء أو اللقاح.
من أجل إخراج التاجر من مجال الأبحاث التجارية، يفضّل أن يتم إنشاء مراكز مستقلة لتقديم المنح للبحوث الصيدلانية من شأنه أن يقطع العلاقات القائمة بين الصناعة والعلماء، مما قد يؤدي إلى انخفاض التمويل، وسوف يقلِّل من دور الراعي في إجراء البحوث، وهو ما سوف يؤدي إلى القضاء على التحيز التجاري، وتعزيز أعلى المعايير العلمية للبحوث الصيدلانية، وبالتالي ضمان مصداقيتها بالإضافة إلى جودتها وعدم تدليس نتائجها من أجل هدف الربح المادي..