فهد بن جليد
الحالة التي ما زال العالم يعيشها اليوم على أمل فكّ طلاسم (فيروس كورونا)، وإيجاد لقاح لعلاجه والحماية منه، تُثبت أهمية العلم والأبحاث لحماية الإنسان وتطوره، وأنَّ البحث العلمي يظل القيمة الحقيقية لتميز البشرية وتطورها، نتيجة ما يكتشفه الإنسان ويُهدى إليه بالعقل والفهم والعلم، وكُل ذلك قليل في كون الله فما أوتينا من العلم إلاَّ قليلا، وفي ذات الوقت كشفت هذه الجائحة العالمية والتعاطي المُتباين معها، مدى الضعف الذي قد يُصاب به الإنسان أمام أصغر المخلوقات، وهشاشة الأنظمة التي يضعها ويصنعها لنفسه، والمبادئ التي يُطلقها والشعارات التي يرفعها وكيف تنهار ولا تصمُّد أمام الأزمات؟ والأخطر -برأيي-على الإنسان في هذه الأزمة هو الإنسان نفسه، عندما يتعمّد تعطيل عقله ويسمح للأكاذيب والإشاعات أن تتسلَّل إليه عبر (نافذة كورونا) لتُعيده إلى الوراء كثيراً.
ما بين فذلكة عدد كبير من الناس في مُختلف المجتمعات بعدم التقيد بالتعليمات والاحترازات الصحية العالمية ومُحاولة إعمال العقل في غير محله، وما بين تداول عشرات الإشاعات والأكاذيب حول (فيروس كورونا) والتعاطي معها كحقائق نتيجة تعطيل العقل وعدم إعماله كما يجب، تظهر التأثيرات المُباشرة لاختلاف تعامل الناس مع هذه الأزمة، الخطر مُحدق في كلتا الحالتين ولنتحدث عن نماذج من الجانب الأخير وكيف أنَّها أظهرت أبشع ما في الإنسان عندما يُعطِّل عقله، فمثلاً إشاعة نقل العدوى من (جثامين) الموتى، جعلتنا أمام مواقف صادمة وردود فعل غير متوقَّعة في التعامل مع ضحايا كورونا من الأطباء وإكرامهم وهم من ضحوا من أجل مُجتمعاتهم، الإشاعة في زمن (كورونا) أثبتت أنَّها قد تجعل الإنسان يتخبط في (براثن الجهل)، ولنتأمل ردود فعل الناس على إشاعات مثل أنَّ (الفيروس) ينتقل عبر موجات وذبذبات الجيل الخامس، (الملح والخل) تقضي على كورونا ... إلخ من عشرات الإشاعات والأكاذيب التي ما زالت تصل إلى هواتفنا حتى اليوم.
حقيقتان أكثر ألماً في (زمن كورونا)، الأولى أن تكون الأنظمة الفاشلة مصدراً للإشاعات والكذب وتضليل شعوبها مثلما يفعل ويتخبط النظام الإيراني لإخفاء ضعف تعامله وتعاطيه مع الجائحة العالمية، والثانية انهيار أسمى معاني الإنسانية والرحمة عندما قشعت رياح (كورونا) ضبابية شعارات حقوق الإنسان ورعايتها عن سماء الكثير من العواصم الغربية ليراها الناس هناك رؤيا العين، ويُتابعها العالم بصدمة ودهشة، وصولاً لمضمار سباق من يكتشف اللقاح أولاً؟ بهدف جني الأرباح.
وعلى دروب الخير نلتقي.