فوزية الجار الله
خلال السنوات الأخيرة الماضية شهدنا تطوراً هائلاً فيما يتعلَّق بوسائل التواصل الاجتماعي، حيث توالى ظهور تلك القنوات أو المنابر شيئاً فشيئاً، ثم بدأت التطبيقات وهي تلك البرامج المتاحة على أجهزة (الأندرويد) والتي نجدها عبر الأجهزة المختلفة من إصدارات شركتي سامسونج وآيفون وهما الأكثر شهرةً في عالمنا حتى الوقت الحالي.. من بين هذه التطبيقات برنامج (تيك توك) الذي هو في رأيي من أسوأ البرامج، فهو يتضمن مقاطع فيديو قصيرة جداً توحي لك بأنها لن تستغرق شيئاً يذكر من وقتك لكنها في الحقيقة عكس ذلك، فحين يحدث وتتوالى اللقطات بالعشرات ومن ثم المئات أمام عينيك فهذا يعني أنها تسرق الكثير من وقتك دون شعور منك! وقد حاولت الدخول إليه منذ فترة، لكن سرعان ما عمدت إلى حذفه لما يتضمنه من مقاطع كثيرة إما تافهة أو خادشة للحياء دونما هدف واضح، ثم عدت إلى الدخول إليه مؤخراً بعد إلحاح شديد، إذ وجدته يتقافز أمام عيني لإقناعي بأنه جدير بالمتابعة!.. إضافة إلى أنني رأيت بعض المقاطع المناسبة منه في مواقع مختلفة، قلت ربما تغيّر وأصبح مناسباً، دخلت إليه في عزلتنا الحالية بسبب جائحة كورونا ليس مللاً من العزلة، فللعزلة إيجابياتها، لكن من باب الفضول والرغبة في التأكد مما طاف بذهني حول هذا البرنامج.. في المقدمة وجدت أمامي بضع أيقونات تتضمن تصنيفات لإتاحة الفرصة للمشاهد لاختيار ما يريد، وقد قمت باختيار الأيقونات التالية:
فن، وقد رافقها رسم توضيحي إلى جانبه عبارة عن تلك الأداة حاملة الألوان والريشة تلك التي نراها محمولة دائماً بيد الرسامين أثناء انهماكهم بعملهم، قلت لا بد أن البرنامج يتضمن تجارب أو مقاطع لرسامين عالميين أو محليين وكل ما هو مستجد في عالم الفن.. أيضاً ضغطت أيقونة أخرى وهي (علوم وتعليم) وهل أجمل من الدخول إلى صميم العلم والتعرّف على أفكار العلماء؟!
الأيقونة الأخرى التي قمت باختيارها للمتعة والمرح كانت تحت عنوان (اصنعها بنفسك) وهذه أيضاً رائعة، هكذا فكرت، إذ إنه وبناءً على تجربتي في الحياة فلا بد أن تتضمن هذه بعض الاختراعات من باب (الحاجة أم الاختراع)، حيث يمكن اختراع أشياء مختلفة للاستفادة منها في الحياة بدلاً من اللجوء إلى شراء كل ما يمكن احتياجه!.. لكن المفاجأة العجيبة أنني حين بدأت التصفح داخل البرنامج وجدت المقاطع الصادمة ذاتها، نساء يستعرضن أجسادهن، أطفالاً ومراهقين وآخرين بالغين يعانون فراغاً فيقضون جزءاً هائلاً من أوقاتهم بالعبث الذي لا هدف له سوى بعثرة الوقت، وأيضاً لقطات لطبخ بعض الأطباق بما أن موسمنا الحالي هو رمضان الكريم..
الجدير بالذكر أن هذا البرنامج أنشئ بهدف تقديم مقاطع سريعة لعدم إضاعة الوقت ولسرعة التعرّف على ما هو جدير بالمتابعة، لكنك بحاجة إلى وقت مضاعف وإلى طاقة خارقة على تحمّل الكثير من التفاهات!
فيا لضياع بعض البشر ويا لذلك العالم!