فهد بن جليد
نحن أمام فرصة نادرة لإضفاء مزيد من الأجواء الروحانية الصادقة على منازلنا في شهر رمضان المُبارك هذا العام، بإقامة صلاة التراويح وتخصيص وقت لتلاوة القرآن مع الأبناء، هذه الفُرصة لم تتح لجميع الآباء سابقاً، فهناك من سرقه العمل وأبعده الارتباط عن القيام بمثل هذه الأدوار والمهام التربوية، وهي اليوم واحدة من اللحظات التي ستبقى خالدة وذكرى جميلة في حياتنا، فهي أشبه باستراحة من تأثيرات الإيقاع السريع للحياة والذي حرمنا فرصة التقاء الآباء والأبناء على مائدة يتم فيها قيام الوالدين بأدوارهم التقليدية والتاريخية المُنتظرة بتعليم الأولاد الخصال الحميدة ومُراجعتها بشكل مُباشر، للتأكد من أنَّهم يحملون في جعبتهم مبادئ وآداب وسلوكيات نرتضيها جميعاً، هي كذلك فرصة لإبراء شيء من الذمة وتحمّل المسؤولية حول التربية والتنشئة لجيل قادم مولع بالعلم والتقنية وتكنولوجيا العصر، ولا بأس بإعطائه جرعة أبوية هذه المرة، بمزيد من القيم الدينية والأخلاقية والثقافية والتقاليد المجتمعية التي يتفرَّد الآباء بتقديمها في هذه الأوقات.
المسألة لا تأخذ وقتاً طويلاً كما يتوقّع البعض، ولا تحتاج جهداً بدنياً واستعداداً مكانياً، المسألة أبسط من ذلك فركعات التراويح المنزلية التي يمكن إقامتها خفيفة، وتضم جميع أفراد الأسرة في دقائق إيمانية وروحانية لها أثرها وتأثيرها ومعانيها خصوصاً في أوقات (كورونا)، حيث لا يجب أن تتعطَّل إقامة العبادات مع ظروف عدم الذهاب للمساجد، وهي معان مهمة وجوهرية ستبقى خالدة في ذهن وعقلية الأبناء، لترافقهم في مُختلف الظروف والأوقات.
إذا كانت البيوت تتسابق من أجل تعليق الزينة وإضفاء نوع من روحانية الأجواء الرمضانية للشعور بها مع ظروف منع التجول وتوقف الزيارات واللقاءات نتيجة الحجر المنزلي، فإنَّ معاني الصبر والتواصل وصلة الأرحام عن بعد وفقاً للظروف والوسائل المُتاحة في (زمن كورونا)، دروس أخرى عملية يُشاهدها ويعيشها الأبناء في هذا الوقت، ومبادئ وقواعد سيلتزم بها الجيل الصاعد حتماً ويستوعبها جيداً، وهي فُرص كبيرة تمنحنا إياها مدارس رمضان المنزلية في هذه الأوقات، فقط عليك اختيار الفصل الذي تحتاج التركيز فيه.
وعلى دروب الخير نلتقي.