سام الغُباري
- لم يبق لأمراء الحرب في اليمن شيء لم يفعلوه، سيطر كل منهم على «جغرافيته» وبدأت معركة السيطرة على الثروات، ومن أجل ذلك يدفع الحوثي بآلاف من أبناء عمومته المتعصبين عرقيًا للسيطرة على أحواض النفط في صحراء مأرب، وفي كل مرة لا يعود أحد من الغزاة. فقط.. تعود التوابيت فارغة، والرجل الذي غادر شحمًا ولحمًا يتحول إلى صورة ملونة.
- المجلس الانتقالي المشكل على عجل يحاول افتراس شبوة التي تنام على ثروة نفطية وغازية ومن شعابها تمر أنابيب النفط إلى منشأة بلحاف، ولهذا فهي أرض مقدسة بالنسبة له، الذهب الأسود يثير شهيته لكنه أضعف من أن يواجه خصومه عسكريًا. الخصوم هنا أولئك الذين استثارت مناطقية الانتقالي حفيظتهم، ولم يعد بالإمكان أن يسوق لهم حكاية «الجنوب المظلوم» بعد أن ظهر كـ«محفز» للثأرية القديمة قبل 34 عامًا، عندما ضربت سواحل عدن موجة كراهية دامية ألقت ببنادقها على مفرزات «الطغمة والزمرة».
- في الحديدة يتثاءب «طارق صالح» اللاعب الجديد في المعادلة، بقوات أكثر تنظيمًا مما هو معروض حاليًا، أهدافه يحددها في صنعاء، لكن رأسه لم يلن بعد للرضوخ التام لشرعية الرئيس هادي، وذلك العناد أثار قلقًا كبيرًا في أروقة الرئاسة اليمنية المتشبثة بمبدأ الاحترام لخيارات الشعب اليمني في الانتخابات والمرجعيات الثلاث.
- بعد أن أطاح طوفان عابر بمدينة عدن العائمة وسط البحار وأحالها إلى خرائب، تذكر المجلس الانتقالي أن رئيسه الافتراضي يعيش خارج الكوكب، فأغلق على الحكومة المهاجرة أبواب المطار متحديًا كل المنطق، ومتجاوزًا حاجة الناس إلى الابتزاز باسمهم، كما يفعل الحوثي في صنعاء، الذي تطربه أنباء تحول اليمنيين تحت سطوته العنصرية إلى متسولين، هذا ما يريده بالضبط ويضغط ويساوم بأجسادهم الشاحبة وعيونهم الزائغة منظمات الأمم المتحدة التي هي الأخرى تتربح بالباطل من أموال المحتاجين.
- كأن العالم يتآمر علينا، في صحو رمضان أكتب هذه الكلمات مسكونًا بوهم المؤامرة، بأصابع صائمة وشفاه يابسة، وبطن خاوية، أتساءل عن أولئك الذين يقضون الصوم في مخيمات اللجوء وسط عراء الصحراء، وجدب القلوب وجحود الضمائر، أود أن أمنحهم شيئًا يقيهم حاجة السؤال ولا أريدهم متسولين، تسعدهم السلات الغذائية، لا أريد لأمراء الحرب أن يتحولوا إلى فاعلي خير، بل أن يتنازلوا عن السلاح، وأن يتفقوا يومًا ما بصدق وإخلاص على رجل منهم يتولى شؤونهم وفق قواعد الاختيار النزيه للشعب وأن يتركوا عن قناعة المحاصصة اللعينة لكراسي الوزارات، فكل الشهور يمكن أن تعيش فيها بلا دولة، إلا رمضان يحتاج إلى دولة وقلب كبير، وقيادات يصحون باكرًا ليتأكدوا أن 27 مليون يمني قد تناولوا إفطارهم جيدًا، وقبل أن يغشاهم نعاس المساء يدلفون إلى مهاجعهم الآمنة ليقرؤون لهم حكايات لطيفة عن أساطير لذيذة، تمنحهم ابتسامة النائم السعيد.
.. وإلى لقاء يتجدد.