لم تخلُ أمة من الأمم على مر العصور والأزمان من المواقف العصيبة التي تمر بها وتنال من انسيابيتها. وتكشف الأزمات الطارئة على الدول أهمية التعاون بين أفراد المجتمع الذين يمكنهم بناء أوطانهم ووقايتها من الأحداث والمحن الطارئة، حيث يظهر الوعي الوطني عند تماسكهم مع ولاة الأمر واتباع القوانين والأنظمة الوقائية للتعامل مع الأزمات.
والمتأمل في نصوص الشريعة الإسلامية يجد اعتناء الإسلام بتعاون أبناء الوطن الواحد؛ قال تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}، وشبَّه النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين في اتِّحادهم وتعاضدهم بالجسد الواحد؛ فقال: (مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسَّهر والحمَّى).
وقال صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضًا).
وفي هذه النصوص يظهر الحث على التعاون والتكامل بين أفراد المجتمع ليكونوا يدًا واحدةً؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم (يد الله مع الجماعة).
وحيث تمر بالوطن اليوم أزمة انتشار «كورونا» كما تمر بسائر أنحاء العالم في مختلف المدن والدول؛ فإنه يلزم وعي جميع أفراد المجتمع وتكاتفهم لتتكامل سبل حماية الوطن من هذا الوباء سريع التمدد. وتتأكد أهمية التعاون الوطني في تطبيق القوانين والأنظمة التي يتم الإعلان عنها للحدِّ من مخاطر الأزمة.
ولا يمكن تحقيق نتائج الأنظمة والخطط ما لم تتحد الجهود وتتواتر بصدق وعزيمة لجني ثمار الخطط وحماية الوطن ووقايته لينعم الجميع -بإذن الله- بالصحة والسلامة.
وتتجلَّى هنا ضرورة التعاون لتعزيز الوعي الوطني بين أبناء الوطن، وتنمية الإحساس بالمسؤولية المجتمعية أفراداً ومربين ومسؤولين وفق الدور المناط بكل فرد في المجتمع.
ومما يجدر بيانه: أننا بحاجة إلى استشعار المسؤولية الوطنية لمواجهة الأزمة الراهنة من خلال القيام بالمسؤولية الوطنية الجماعية، وتنفيذ القرارات والقوانين ذات العلاقة لإنجاح خطط منع تمدد (الفايروس)، كما أننا بحاجة إلى تقديم المبادرات الفاعلة لمساندة الجهود وتقديم الواجب الوطني تجاه التعامل مع هذه المحنة، والتعاون في تثقيف أفراد المجتمع بالمخاطر الناتجة عن إهمال مكافحة (الفايروس) والوقاية منه.
ومن المهم الحذر من الإرجاف ومن نشر الشائعات التي تؤثِّر سلباً على الجهود والإجراءات التي تقوم بها الدولة -رعاها الله- والتي حققت ثماراً ظاهرة للوقاية منه وستحقق السيطرة على انتشاره -بإذن الله تعالى.
وحيث إن العالم أجمع يواجه اليوم هذه المحنة والتي تمكَّنت بعض الدول من تجاوزها -بعد توفيق الله تعالى- من خلال الوعي بأهمية الوقاية الصحية؛ فإنه يجدر استمرار وعي المواطن بضرورة التعاون مع القوانين والجهود المبذولة مع أهمية نقل تجربة المملكة العربية السعودية الفاعلة في الحد من انتشاره -بفضل الله تعالى وتوفيقه- للعالم أجمع والتي سخَّرت كافة الجهود للحفاظ على صحة مواطنيها وجميع مَن هم على أراضيها المباركة وقدَّمت الخدمات الصحيَّة والأمنية فائقة المستوى؛ فظهرت ثمار هذه الجهود الوقائية -بفضل الله تعالى- حفظ الله بلادنا وولاة أمرنا من كل سوء.