قم للمعلم وفه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
ترى لو كان أحمد شوقي اليوم موجودًا بيننا اليوم ما عساه يقول عن البدائل الافتراضية للمعلم، هل سيثني عليها ويمتدحها، أم يتوجد على المعلم وحضوره، فلم يكن في الحسبان يومًا ما حتى في أضخم مراكز التنبؤ واستشعار المستقبل أن تكون تقنية الاتصالات المعلوماتية هي الخيار الوحيد الذي لا مناص منه للقاءات والاجتماعات الرسمية والمحاضرات الجامعية والفصول الدراسية والندوات الأدبية ونحوها في معظم أرجاء العالم، غير أن فايروس كورونا «كوفيد- 19» قد فعل فعلته في إيقاف عجلة الحياة الطبيعية طواعية في لحظة استسلام عن عجز ووهن غير مسبوقة من جميع دول العالم.
فأما الدول التي تضمنت خططها التنموية التركيز على الاستثمار في تقنية المعلومات فأنشأت البنى التحتية للتقنية في أرجاء البلاد، وأنشأت المحطات والمدن التقنية، ثم بنت البرامج والتطبيقات وحرصت على الأخذ منها بكل جديد، وحثت جميع الكيانات العامة والخاصة على حوكمة أعمالها فقد تفادت كثيرًا من مخاطر التوقف القسري للحياة الطبيعية بفعل فايروس كورونا بقدر ما بنته وأنجزته في مجال تقنية المعلومات، وأما تلك التي أهملت هذا الجانب المهم في برامجها وخططها التنموية فستواجه حتمًا كثيرًا من التحديات لتجاوز آثار هذا التوقف القسري للحياة الطبيعية.
وتعد المملكة العربية السعودية من الدول السباقة منذ وقت مبكر إلى الاستثمار الواسع في تقنية المعلومات متقدمة في ذلك على كثير من الدول حتى تلك المصنعة للتقنية، فمن العجائب التي شاهدتها عيانًا هي خلو البرلمان الياباني من التقنية الحاسوبية في أعماله حيث يقوم النائب الراغب في الحديث من مقعده ويتوجه إلى منصة الحديث الوحيدة أمام المجلس، ويقوم الأعضاء من مقاعدهم للتصويت السري اليدوي في غرفة خاصة في طرف المجلس.
وقد عَظمت الاستفادة من هذا المنجز حينما تمكنت المملكة من عقد أول قمة افتراضية دولية لقمة العشرين وقد تم تشغيلها تقنيًا بأيدي مختصين سعوديين بنجاح منقطع النظير، ثم عقد في الأسبوع التالي أول جلسة افتراضية لمجلس الوزراء، وقد وجه خادم الحرمين الشريفين بأن يعقد مجلس الشورى جلساته الأسبوعية بشكل افتراضي.
أما تطبيق أبشر والتطبيقات الأخرى للوزارات والمصالح الحكومية الأخرى فقد يسرت على المواطن والمقيم تنفيذ خدماتهم المعتادة من منازلهم دونما تأخير أو صعوبة تُذكر.
ألا وإن من الفوائد العظيمة للاستثمار السعودي في مجال تقنية المعلومات ما يتعلق بالجانب التعليمي، فلولا أن وزارة التعليم بفرعيها العالي والعام تمتلك قنوات تقنية عدة مكنتها من استمرار العملية التعليمية عن بعد، لما استطاعت أن تتجاوز بهم الآثار السلبية للتوقف القسري.
وقد تابعت كغيري من أولياء الأمور حضور أولادي دروسهم اليومية عن بعد، وظهر لي أهمية قيام الأسرة بواجبها تجاه متابعة الأولاد وتيسير استفادتهم من القنوات التقنية المتاحة، والحقيقة أن منصة البلاك بورد في الجامعات أكثر جودة وفاعلية من قنوات التعليم العام بما تحويه من ميزات متعددة وفي مقدمتها التفاعل بين الأستاذ وطلابه، ولعل هذه التجربة الناجحة إلى حد كبير تكون حافزًا للوزارة لتجويد القنوات الافتراضية للتعليم العام، واستدراك بعض الملحوظات المهمة مثل، تجويد المهارات التدريسية لدى المعلمين، والتصميم الموحد لقاعات التدريس، وجودة التصوير والإضاءة ومهارات الإخراج، وأن تكون الدروس الافتراضية تفاعلية بين المعلمين وطلابهم.