في ظل الأزمات والجائحات، وأسعار النفط التي ترتفع وتنزل، والتقلبات السياسية والاقتصادية والصحية، علاوة على الظروف الطارئة التي تستجد، وكذلك الشائعات والافتراءات التي يبثها الحاقدون والمرجفون، أو حتى المذمة من ناقص، إلا أن بلادنا -ولله الحمد- تقف على أرجلها بثبات تجاه كل تلك العواصف والرياح الآتية شرقًا أو غربًا، ولم يشغلها شاغل إلا سلامة الوطن والشعب الوفي. وللمقيم والزائر طبعًا نصيب من ذلك. وتغدق بخيرها على القاصي والداني دون كلل ولا ملل.
كلمة حق أخرى، يجب أن تُقال في هذه المرحلة التي نعيشها تجاه الملك وولي عهده والمواطن والمقيم على أرض ترابها الغالي.. فالحكومة الرشيدة ممثلة برأس هرمها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز قدَّما نماذج مشرفة، استحقت الشكر والتقدير من المنظمات الدولية الكبرى التي ثمنت مسارعة المملكة العربية السعودية بالتعامل الأمثل والإنساني، وقيادتها معركة بالداخل على هذه الجائحة مستعينة بالله -جلت قدرته- ثم بأبنائها وبناتها في وزارة الصحة من الأطباء والطبيبات الذين بيّنوا إخلاصهم ووطنيتهم الحقة، ومسارعتهم وتنافسهم لخدمة المرضى والمصابين بهذا المرض المعدي والخطير -شفاهم الله-. أرخصوا أنفسهم من أجل الوطن.. وسهروا على راحته ليلاً ونهارًا، وبثوا العزيمة فيما بينهم، وألقوا بالمستحيلات خلف ظهورهم، ولكن الأمنيات هي التي ينظرون إليها بكل تفاؤل مع حسن ظن بالله سبحانه.
إن تعاون المواطن والمقيم وكذلك الزائر مع جهود الدولة هو بذرة آتت أكلها خلال الفترة الماضية والحالية؛ فكان تعاونًا إيجابيًّا، وأيضًا ملموسًا من قِبل كبار المسؤولين والأجهزة المعنية الذين قدروا هذا التجاوب بالتقيد بقرار الحظر الجزئي، ومن ثم الكلي على المناطق التي طُبق عليها، ومن ضمنها مدينة الرياض.
لا شيء يسمو في السعودية هذه الأيام فوق الرعاية الملكية السامية بأبنائها ممن يعيشون على أرضها، ومَن هم في خارجها في أرجاء العالم هم سفراء لبلدهم من دبلوماسيين ومسؤولين، مدنيين وعسكريين، وطلبة وطالبات.. وغير ذلك. ولذلك فإن العودة إلى أرض الوطن فرحة لا تعادلها فرحة، وسعادة وسرور، وبشرى بالأمر الملكي الكريم الذي وجّه بالعمل على إجراءات المواطنين الراغبين في العودة من الخارج إلى بلادهم.
لقد حرص - الملك حفظه الله - على سلامتهم وصحتهم التي هي الشاغل الأكبر لمقامه الكريم خوفًا عليهم من فيروس كورونا المستجد. لقد تفاعل العديد من السعوديين مع هذه البادرة غير المستغربة من الملك سلمان بن عبدالعزيز، وكان اللافت من هذا ما قام به المواطن المخلص الذي يدعى (مهند فهد) بمقطع تم توثيقه عبر منصات التواصل الاجتماعي، وهو يقوم بالعزف على آلة البيانو بمهارة للسلام الملكي السعودي في بهو أحد فنادق جمهورية النمسا، فردد السعوديون جميعًا معه النشيد الوطني، ونال استحسان الحضور من المقيمين هناك.
لكن ما يثر الإعجاب في الداخل هو ما قامت به المملكة من إجراءات احترازية وتدابير وقائية فاعلة، طالت التجمعات وقطاع الأعمال والسفر بأنواعه كافة، والتنقل بين المدن، وتطبيق حظر التجول ومنع التجمعات، سواء للصلاة أو للتسوق؛ وذلك للحد من انتشار فيروس «كورونا المستجد».
ومع كل هذا تبادر الدولة متحملة 60 % من رواتب السعوديين بالقطاع الخاص حتى لا يفقدوا وظائفهم. وإن الدولة تقف معهم في الظروف كافة، وتقوم بتقديم الدعم لهم، الذي هم يستحقونه بلا أدنى شك.
وفي المقابل، أبدت المملكة اهتمامًا بهذه الجائحة، ووحدت العالم عبر أعلى المستويات عبر دعوتها لمناقشة جهود مكافحة فيروس كورونا، وسبل مواجهة تحديات الاقتصاد العالمي الراهنة. فرأس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أيده الله - القمة الافتراضية لأعضاء مجموعة «العشرين» الذين رحبوا بـ»استعداد مجموعة البنك الدولي تقديم دعم مالي يصل إلى 160 مليار دولار على مدى الأشهر الخمسة عشر القادمة لدعم الدول الأعضاء».
إن الملك الإنسان يمد يديه الكريمتين، ولم تقتصرا على المواطنين والمقيمين في الداخل والخارج، بل شملتا العالم بأكمله، ولم تُقصِّرا؛ فقد بثت البهجة والفرح على شفاه المحتاجين من لاجئين ونازحين ومقيمين. فلك أن تتصور أن التوجيهات الملكية لم تقتصر على فئة دون أخرى؛ فأمر - حفظه الله - بمعالجة المرضى بفيروس كورونا المستجد من المواطنين والمقيمين ومخالفي أنظمة الإقامة بالمستشفيات كافة في المملكة بالمجان، وبدون مقابل. كما أمر بتمديد هوية زائر الممنوحة للأشقاء اليمنيين المقيمين في المملكة.
كما لا يفوتنا التنويه بما يقدمه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية من مشاريع وبرامج إنسانية وإغاثية متنوعة للأيتام وأسرهم في اليمن بهدف تحسين ظروفهم المعيشية، ورعايتهم في جميع المجالات. ونفّذ المركز في هذا الصدد مشاريع عدة خلال الأعوام: 2018 - 2019 - 2020م، منها ما يتعلق بتحسين سبل العيش لأسر الأيتام، من حماية وكفالة وغيرها.
وتم مؤخرًا حملة توزيع سلال غذائية للأسر المحتاجة، التي بلغت أكثر من 6.000 أسرة من الأردنيين والفلسطينيين واللاجئين السوريين، خاصة تلك الأسر التي تأثرت بشكل مباشر من توقف العمل ومنع التجوُّل الذي يطبَّق في الأردن الشقيق منذ أسبوعين كإجراء احترازي للحد من انتشار جائحة كورونا.
أخيرًا، وصفة الصحة «خليك بالبيت»، وحملة «كلنا مسؤول»، التي انطلقت عبر وسائل التواصل الاجتماعي للتوعية بمخاطر فيروس كورونا، وضرورة البقاء في المنزل، عزز من ترسيخها لدى المواطنين والمقيمين مركز التواصل الحكومي في وزارة الإعلام بمبادرة للهوية البصرية للحملة التوعوية والتثقيفية في الوقت نفسه، وتلامس الجهود الموحدة التي ينشدها الكل؛ فهما وجهان لعملة واحدة. والشكر لجهود كل القائمين عليهما.