بدأت أزمة كورونا، وكان ظهورها على استحياء في أول الأمر، وذلك بإعلان الصين اكتشاف الفايروس وفجأة تحول الفايروس إلى كابوس رهيب يجثم على صدور أنحاء العالم كافة، مهددًا حياة ملايين من البشر حصد منها بأمر الله ما يقارب 300.000 إنسان في مختلف بقاع العالم المتقدم منها والمتأخر، وأصبح العالم كله في قارب واحد، فاختفت نبرة التعالي والتكبر وتهاوت قلاع وصروح كنا نحسبها من قبل لا تتهاوى بما رسمته لنفسها من قوة ظاهرة وضعفًا ووهنًا من الداخل.
وفي المملكة العربية السعودية -أعزها الله- كانت قيادتنا الرشيدة سباقة في اتخاذ الإجراءات الاحترازية كافة التي ساعدت في تحجيم انتشار الفايروس حتى لو كبدت هذه الإجراءات خزينة الدولة مليارات، فالملك سلمان -حفظه الله- دائمًا ما يردد: المواطن أولاً.وهذه المقولة هي ميثاق العمل غير المكتوب بين القيادة وأبنائها المواطنين.
ومع هذه الإجراءات سارعت الجهات المعنية جميعها بالتكاتف والترابط لكبح جماح هذا الفايروس، وسارع التقنيون في هذه الجهات بالتوجه نحو العمل عن بُعد واستخدام التطبيقات والمواقع المتاحة لها خاصة تلك الجهات التي تتعامل وتقدم خدمات للمواطنين والمقيمين، ولعل من أهم الجهات التي تأثرت نتيجة هذا الفايروس هي وزارة التعليم التي تحمَّلت عبء تقديم الخدمات التعليمية لأكثر من 6 ملايين طالب وطالبة في التعليم العام.
وعلى مستوى التعليم الجامعي فقد حقق إنجازات غير مسبوقة سواءً على مستوى الأرقام التي وصلت إلى أكثر من 1.200.000 مستخدم حضروا 107 آلاف ساعة تعليمية في أكثر من 7600 فصل افتراضي، وأيضاً على مستوى العائد التعليمي الذي تحقق للطلاب والطالبات من دون فاقد تعليمي.
ويأتي السؤال المهم: ماذا بعد هزيمة كورونا بالضربة القاضية من التعليم؟
ولعل الإجابة على مثل هذا السؤال قد تطول بعض الشيء حتى يتم حصر الدروس المستفادة من هذه الأزمة الطارئة بمعنى الكلمة، فالتعليم الإلكتروني والتعلم عن بعد كانا يسيران بخطوات حثيثة في المملكة ضمن رؤية 2030 في التحول الرقمي وكانت الخطة الموضوعة لهما تسير وفق المخطط لها، وكانت بوابة «المستقبل» وقناتا «عين» و«منصة عين» المدرجة جميعها تحت منصة التعليم الموحدة كانت جميعها تسير في طريقها السليم نحو تحقيق أهدافها المعلنة، وجاءت موجة كورونا لتعجل من مسيرتها وتقلل من عقبات انتشارها على مستويات أعلى وأشمل مما كان يرجى لها.
إن ما وصلنا له الآن في التحول الرقمي في التعليم يعد على جميع الأصعدة إنجازًا ما كان يتوقع أحد أن يتحقق لولا التآزر والتحدي الذي بذله جميع العاملين في وزارة التعليم برئاسة معالي الوزير الهمام النشط د. حمد بن محمد آل الشيخ الذي بذل جهدًا جبارًا من أجل استمرار العملية التعليمة لأبنائنا الطالب وعدم تأثرهم بهذه الأزمة، والمتابع لجميع التصريحات التي يدلي بها معاليه يستشف منها مدى الطمأنينة التي يبثها معاليه في نفوس الأبناء ومن قبلهم أولياء الأمور وكيف تبنى سياسية الوقوف مع مصلحة الطالب حتى لو تطلب الأمر تعديل الكثير من اللوائح المنظمة للتعليم على مختلف مستوياته بل ومنح مزيد من الصلاحيات لمديري الجامعات في إطار مصلحة الطالب أولاً.
إن ما بعد كورونا هي مرحلة مهمة جدًا وينبغي أن يتم استثمارها بكل قوة في استكمال التحول الرقمي في التعليم وسد الفجوات التي ظهرت خلال فترة التطبيق، وأيضًا يمكن الاستفادة منه في القضاء على بعض المشكلات التي كان التعليم يعاني منها مثل مشكلات النقل والتدريس خارج أماكن الإقامة خاصة للأخوات المعلمات اللاتي يضطررن للسفر لمسافات بعيدة وتعرض الكثير منهن لحوادث ومشكلات تؤثر عليهن وعلى أسرهن، فالتعلم عن بعد والتعليم الإلكتروني جاءا ليكونا قاربي النجاة لكثير من معوقات التعليم في المملكة. حفظ الله مملكتنا وقادتنا وأعادنا إلى مساجدنا سالمين بإذن الله.