فهد بن جليد
دخول الرجل إلى المطبخ خصوصاً في الساعات التي تسبق الفطور لم تعد حالة رمضانية عرضية، فالموضة الرجالية الجديدة عبر كثير من منصات وحسابات التواصل الاجتماعي تبدو تصوير تفاصيل المطبخ، وإثبات الحضور الكُلي في إعداد الفطور والسحور لكسر الروتين، وإظهار المُشاركة الكلية المنزلية في الأوقات الصعبة مع التزام الجميع بضرورة البقاء في البيت. في الأعوام الماضية كانت الحالة المزاجية لتدخل الزوج في شؤون المطبخ في رمضان مُبرَّرة بطول فترة النهار وقصر أوقات العمل أو التمتع بإجازة سنوية، وكان التعامل بحزم من الزوج واضحاً وخصوصاً أنَّ الرجال يغادرون منازلهم عادة بعد الإفطار، ليتم منع المزيد من التقاطعات وتنتهي الحكاية هنا بتحمّل الزوجات تبعات التعامل مع المطبخ وغسيل الصحون حتى لو كانت هناك خادمة، ولكنَّ القصة في زمن كورونا مُختلفة تماماً، فالرجل يبقى في ذات المنزل بعد الفطور والسحور وطوال أوقات الإمساك والفطر ما يُرجح تصاعد وتيرة الخلاف وأسبابه، إذا لم يتم تدارك الموقف بمزيد من الحكمة والذكاء والصبر في هذه الأوقات تحديداً.
نفسياً منع الزوج من دخول المطبخ هذه الأيام ينتج عنه حالة من العناد والإصرار، ما يعني مزيداً من الصراع المنزلي الرمضاني وإشعال شرارة الخلافات الزوجية، والحالة المزاجية والنفسية من آثار الحجر المنزلي للجميع لا تحتمل مزيداً من الضغوط، خصوصاً مع الحرمان من العادات الرمضانية الرجالية والنسائية للتسوّق في رمضان والزيارات والمُناسبات العائلية والخيم الرمضانية وغيرها الكثير، لذا أنصح باعتبار المُشاركة الرجالية مؤشراً جيداً للاهتمام والمُساندة، وفهم الهدف الحقيقي فلربما كان الأمر أبسط لمُجرَّد التصوير وتوثيق اللحظة، أسوة بالكثير من الصور عبر منصات التواصل الاجتماعي، وكأنَّ الآية انقلبت وأصبح الرجال أكثر حرصاً واهتماماً وتعلّقاً بتصوير ونشر حالاتهم مع الحجر.
ما زال في جعبة الحجر المزيد من الأحداث والتأملات الإنسانية فنحن في بداية الشهر، وعلينا ترقب وفهم المزيد من المُتغيِّرات الاجتماعية التي تُطل علينا عبر منصات التواصل الاجتماعي، وهل هي وقتية وعابرة أم جذرية ودائمة، المشهد والسلوك برمته يتغيَّر من النمط والإيقاع السريع للحياة الذي يخفي خلفه الكثير ممَّا لا يُلاحظ، إلى الرتم الهادئ والبطيء جداً، الذي يمنح المزيد من التأمل حتى في أبسط لحظاتنا الحياتية داخل المنزل.
وعلى دروب الخير نلتقي.