سلطان بن محمد المالك
قد يتعرَّض أي واحد منا لموقف نسيان محفظة النقود، أو عدم توافُر مبلغ نقدي معه وهو خارج لشراء مستلزمات أو تعبئة خزان وقود المركبة، أو في أي مكان يتطلب دفع مقابل مالي نظير الحصول على خدمة أو منتج. كنا حتى وقت قريب لا نستطيع أن نؤدي أي تعاملات مالية إلا من خلال النقد، وبالعملة الورقية. ومع مرور الوقت أصبحت البطاقات البنكية التي توفرها للعملاء بالتعاون مع شبكة المدفوعات السعودية (مدى)، وبطاقات الائتمان، بديلاً مناسبًا لكثير من تعاملاتنا المالية. لم ينتهِ الأمر عند ذلك الحد، بل تطور الوضع بشكل إيجابي مع توافُر خدمات الدفع الإلكتروني من خلال الهاتف الجوال، أو استخدام البطاقات من خلال تقنيات الواي فاي.
مؤسسة النقد العربي السعودي من خلال استراتيجيتها لنظم المدفوعات وبرنامج تطوير القطاع الهادفة إلى تعزيز الدفع الإلكتروني، وتقليل التعامل النقدي، حريصة على توافُر الخدمات البنكية المتقدمة كافة، التي تدعم وسائل الدفع الإلكتروني من خلال منح تراخيص خاصة لبعض الشركات لتقديم تلك الخدمات، وحث البنوك على تسهيل توافُر تلك الخدمات وإجراءاتها؛ والهدف هو أن يقل استخدام التعامل النقدي قدر الإمكان. وهو توجُّه عالمي. وتم منح عدد من التصاريح لمحافظ رقمية مجهزة بالوسائل والخيارات كافة، من شأنها تمكين الأفراد من التحكم بمدفوعاتهم؛ إذ يكون باستطاعتهم التحويل والاستقبال والتسوق والتحكم بأمورهم المالية عبر تطبيقات الجوال.
حكومتنا الرشيدة ممثلة ببعض الجهات الحكومية، منها وزارة التجارة ووزارة الشؤون البلدية والقروية، بالتعاون مع مؤسسة النقد كذلك، حريصة على إلزام العديد من أصحاب الأنشطة التجارية بتوفير حلول الدفع الإلكتروني داخل المحال، ويشمل ذلك محطات الوقود، وورش السيارات، والبقالات، والتموينات.. وغيرها. وهذا الإجراء سوف يسهم في زيادة استخدام حلول الدفع الإلكتروني، ويقلل من استخدام النقد، وكذلك القضاء على التستر.
حول العالم تعد السويد إحدى أكثر الدول التي تُستخدم فيها حلول الدفع الإلكتروني بنسبة 35 % مقارنة بنسبة 65 % للنقد، بينما في ألمانيا ما زالت العملات الورقية والمعدنية تمثل ما يقارب 80 % من الاستخدام مقارنة بـ20 % يستخدمون حلول الدفع الإلكتروني.
وفي السعودية، وبسبب كِبَر مساحتها، وتباعُد قراها ومدنها، ووجود مناطق نائية وصحراوية، وعدم توافُر التقنية في بعضها، وكذلك بسبب قلة الثقة لدى البعض بوسائل التقنية الحديثة، والإحساس الدائم بالأمان مع التعامل بالنقد، وعدم توافُر وسائل الدفع الإلكتروني في كل منطقة وقرية، ولاستمرار التعامل في مناطق البادية، وخصوصًا من قِبل الرعاة وبائعي الإبل والمواشي وغيرها من الأنعام، فاستخدام النقد ما زال هو الأكثر. والنسبة حاليًا تقارب ألمانيا، في حدود 80 % من العمليات تتم من خلال العملات الورقية، و20 % من خلال حلول الدفع الإلكتروني.. إلا أن المتابع للوضع مع جائحة كورونا، وعودة كثير من المبتعثين للمملكة، وتجربتهم الدفع الإلكتروني في الخارج، والتغيُّر في أنماط الجيل الجديد، وتعاملاتهم المتزايدة من خلال التجارة الإلكترونية؛ فالرقم بكل تأكيد قد تغيَّر، وأصبح كثير من الناس يتفادى التعامل بالنقد، ويفضل الدفع من خلال وسائل وتطبيقات الدفع الإلكتروني. والمتوقع في السعودية خلال الأعوام القليلة القادمة أن يزداد استخدام حلول الدفع الإلكتروني بنسبة قد تصل إلى 50 %.