مها محمد الشريف
يستقبل المسلمون شهر رمضان المبارك بالفرح والتبريكات، ويستعدون له بالعبادات والطاعات، في كل الحقب مهما كانت الظروف مختلفة يعيش الناس هذا الشهر بأجواء روحانية جميلة، ولكن هذا العام 2020 تصوم الناس وتصلي في البيوت خوفاً من انتشار الوباء، وتعود الحياة الطبيعية من جديد، ويعود المصلون إلى الحرمين الشريفين والمساجد، وكثير من المشاهد الاجتماعية، والتجمعات العائلية التي تفرَّقت خشية العدوى بفيروس كورونا المستجد، وقد أفتى الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، بإقامة صلاتي التراويح والعيد في البيوت.
غير أن ما يلفت الانتباه في هذه الآونة أن العقل الإنساني جُبل على التفاعل مع المستجدات، لأن العادة والتعوّد على معارف معينة يجعل مسألة التغيير تتشكل حسب الكيفية، وتظل طبيعة هذا الارتباط بالحياة اليومية في الفترة الزمنية الراهنة مدركة للواقع، وبذلك، يتطابق العالم اليوم بخلق بنيات منطقية وحوار دائم أثبت فعاليته في الكوارث والمخاطر، مما يسمح للإنسان والمجتمعات برؤية العالم وسلوكه ونموه وتقدمه الاقتصادي والعلمي والتقني ونوعيته، وفي هذه الفترة الثقيلة نستطيع القول إن تكنولوجيا الصحة تفوَّقت على تكنولوجيا الحرب حتى في وجود الأسلحة النووية والحروب البيولوجية أو الجرثومية بهدف نشر الأوبئة الفتَّاكة. إن قدر كل سياسة حكيمة هو أن تتصدر التاريخ ليسجلها منهجاً ونموذجاً مشرفاً للأجيال، وما قدمته حكومتنا الرشيدة من جهود كبيرة للوطن والمواطن وخدمات جليلة ونجاح ملموس صورته كاميرات العالم وتناقلته وكالات الأنباء اعتبر نموذجاً يُحتذى به، وفي الوقت ذاته أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في اتخاذ كل الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا المستجد، وقال في خطاب متلفز، إن «السعوديين أظهروا قوةً وثباتاً في مواجهة أزمة كورونا»، نقلاً عن وكالة الأنباء السعودية «واس». وأضاف -حفظه الله- قائلاً: «إننا نمر بمرحلة صعبة مثل العالم كله، ولكننا سنبذل الغالي والرخيص للحفاظ على صحة المواطنين». لا شك أنها مرحلة صعبة ولياليها حالكة في ظل الأزمة الصحية، ولكن ولله الحمد والمنَّة المملكة العربية السعودية سبقت الشرق والغرب في الاستعدادات الاحترازية لمواجهة الوباء. إنه ميثاق ذو دلالة على قوة وقدرة المملكة التي أبهرت العالم في مواجهة الوباء وفي قيادة الاقتصاد العالمي، وأطلقت الحكومة الرشيدة العديد من المبادرات الاقتصادية لدعم القطاع الخاص في مواجهة الجائحة، وقدَّمت حزماً متعدِّدة لتخفيف أثر الأزمة عليه، وتدرس القطاعات الأكثر تضرراً لمعالجة أوضاعها.
يكابد الجميع من أجل مواجهة الوباء بنفس مقدار معاناة الآخرين، وإحساس قوي بالحنين للحياة الطبيعية عوضاً عن الدائرة الضيِّقة التي فرضها فيروس كوفيد19 على أنحاء المعمورة، ففي هذه الأيام المباركة التي تحمل زخماً من النفحات الإيمانية والروحانية استقبلنا شهراً تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار بالدعاء والعبادات والرضا والتفاؤل.