د.عبدالعزيز العمر
أتذكر في أول حوار لي مع مجموعة من زملائي الطلاب في أثناء دراستي العليا أن الموضوع المطروح للنقاش كان بعنوان: ما وظيفة المدرسة؟ علق أحد الطلاب بالقول إن من وظائف المدرسة حفظ الأطفال من خطر اللعب والدوران في الشوارع، توقعت أن الطلاب سوف يتندرون على هذا التعليق، لكن اتضح لي أن ذلك التعليق لقي قبولاً. المدرسة تعني حرفياً في اللغة اللاتينية (Leisure)، أي استثمار وقت الفراغ فيما ينفع، وهذا الفراغ يظهر بوضوح لدى الطلاب في الإجازات الصيفية. صحيح أن حفظ الطلاب من أخطار الشوارع يمثل الحد الأدنى من وظائف المدرسة، لكن هل هناك وظائف أخرى للمدرسة؟ نعم، إليك طرفاً منها. مساعدة الطالب لكي يتكيف ويتعايش ويتواصل ويتفاعل إيجاباً مع مجتمعه (socializing)، تعزيز وتنمية قيم وحس الانتماء والمواطنة عند الطلاب، تنقية المجتمع المحلي للمدرسة من أي خرافات وعادات وقيم متخلفة، والقائمة تطول. عموماً تبقى المدرسة في النهاية وكالة اجتماعية ينشئها المجتمع لتسهم في الحفاظ على ثقافته وتحقيق ازدهاره وتقدمه. وطالما الحديث عن المدرسة ووظائفها يجدر بنا أن نشير إلى إيفان اليش، العدو العسكري للمدرسة، هذا المفكر يرى أن ظهور المدرسة هو أحد أهم مؤشرات مرض المجتمع، لكون المدرسة تحتكر التعليم والشهادات (وبالتالي التوظيف)، فمن لا تزكيه المدرسة بورقة مختومة (شهادة)، لن ينفع نفسه ولا مجتمعه حتى لو كان في علم ومعرفة حمد الجاسر أو بيل قيت.