د. سلطان سعد القحطاني
تحدثنا في الحلقتين السابقتين عن بعض من إنتاج الكاتب إبراهيم مفتاح، فإبراهيم مفتاح ينتمي إلى الجيل الثاني وأواخر الأول من جيل الكتاب السعوديين الذين بنوا ثقافتهم على التراث بالدرجة الأولى وطعموها بالفن القصصي الحديث، فنجد في كتاباته عدة اتجاهات، بصرف النظر عن التحليل النقدي، ومن تلك الاتجاهات المحافظة على التراث اللغوي الأصيل، ثم التعبير السلس البعيد عن التعقيد، وأخيراً وليس آخراً قوة الترابط في السرد. تلك كانت أبرز السمات في أدب هذا العلم المهموم بتراث جزيرته (فرسان) وهي من الوحدات الجغرافية التي تشتمل على كثير من التراث الشعبي الناتج عن تجارب أهلها في حياتهم اليومية، وهي عجائب البحر وما يحيط به من اليابسة. لذلك أنتج الكثير من تراث هذه الجزيرة، والذي سنعرض له بسرعة واقتضاب، نظراً لظروف النشر، فهو كاتب وشاعر في نفس الوقت، من مواليد جزيرة فرسان 1940، وقد عمل في التدريس زمناً ليس بالقصير، فهو من أوائل المعلمين، منذ1966م، فقد ذكر بعض الباحثين أن تجربته الشعرية تتراوح من حيث الشكل بين المحافظة على الشكل التقليدي ونهج شعر التفعيلة، وقد أشرت من قبل إلى تجربة البحر في حياته الأدبية، فلم يشغله عنها بريق الثقافات الحديثة مع مسايرته لمستجدات الحياة، خاصة في الفترة التي شغل فيها سكرتارية مجلة الصص. في بداياتها، مع الأستاذ علوي طه الصافي، وكما ذكرت لم تشغله المناصب التعليمية، كمدير لثانوية جازان، ولا الصحافية عن الإبداع، خاصة ما يتعلق منها بالبحر الذي عايشه منذ نعومة أظفاره إلى يومنا هذا، وكانت أصدق تجربة عن البحر ما عرضنا له في الحلقتين السابقتين في روايته المذكورة (أم الصبيان) وبجانب الإبداع اهتم بالتاريخ والنثر الأدبي والشعر الوجداني، فقد أصدر عدداً من الدواوين والبحوث التاريخية، ومنها:
فرسان جزائر اللؤلو والأسماك المهاجرة، فرسان، الناس والبحر والتاريخ، ومقامات فرسانية، وأدب الأشجار ومنافعها في جزر فرسان، وفرسان بين الجيولوجيا والتاريخ، وهناك بعض المؤلفات التي نأمل أن تتاح لنا الفرصة للحديث عنها لاحقاً. وقد ذكرت لو أن كلاً من كتابنا وباحثينا اهتم بما اهتم به إبراهيم مفتاح لكونا مكتبة سعودية ضخمة، ونرجو أن يتم ذلك في قابل الأيام.